كانت الكلفة المادية العالية من أهم معوقات دراسة السعوديين للتخصصات التطبيقية، التي تتميز بها جامعات شرق آسيا في اليابان والصين وكوريا، بالتالي كان الكثير منهم ينصرفون لدراسة تخصصات في جامعات أخرى، لكن الأرقام الأخيرة التي أعلنت عنها وزارة العمل جعلت وزارة التعليم العالي تلتفت إلى تلك الجامعات وأهمية التخصصات التي تدرسها، خصوصا المهن الهندسية والطبية والاتصال والحاسب الآلي، التي يشغل معظمها غير السعوديين، فكانت المبادرة التي أعلن عنها أمس بضم المبتعثين على حسابهم الخاص إلى برنامج خادم الحرمين للابتعاث الخارجي، وسعي الوزارة إلى زيادة أعداد المبتعثين وتوجيه الطلاب للدراسة هناك لتحقيق استراتيجيات هامة تطمح لها الدولة، خصوصا أن أعداد الذين يتلقون تعليمهم في تلك البلدان لا يتجاوز 1500 طالب وطالبة، ويمكن أن تضاعف أعدادهم خلال السنوات المقبلة. قرار استراتيجي وبدوره وجه الدكتور خالد العنقري وزير التعليم العالي، بإلحاق الطلاب الدارسين على حسابهم الخاص الموجودين في الصين واليابان وكوريا الجنوبية، ببرنامج خادم الحرمين للابتعاث الخارجي. وأكد الدكتور عبدالله الموسى وكيل وزارة التعليم العالي لشؤون البعثات خلال لقائه بالطلاب والطالبات المبتعثين والمبتعثات بمدينة طوكيو في حفل نظمته الملحقية الثقافية السعودية أمس في اليابان، أن القرار يشمل الدارسين على حسابهم الخاص في كل من مرحلة الماجستير والدكتوراه والزمالة الطبية الموجودين في دول الابتعاث حتى إصدار القرار، مشيرا إلى أن الوزارة تحرص على تذليل جميع المعوقات التي تواجه الطالب السعودي بالخارج. تنوع ثقافات وقال الدكتور محمد الصالح الأمين العام لمجلس التعليم العالي إن الموافقة على إلحاق الطلبة والطالبات المبتعثين إلى الصين واليابان وكوريا الجنوبية يحمل عددا من المضامين منها: تنوع المدارس التي تحتضن الطلبة السعوديين، والانفتاح على عدد من الدول الأخرى، وعدم القصر على الابتعاث لدولة محددة، وتطور الجامعات اليابانية والصينية والكورية في بعض التخصصات التطبيقية، وانفتاح السعودية على التعاون الثقافي والتعليمي مع دول العالم، وهذه لها أبعاد استراتيجية فيما يتعلق بالنسبة عندما يعود الطلبة بعد انتهاء ابتعاثهم، مشيرا إلى أن تنوع الثقافات واللغات فيما يتعلق بالشباب والفتيات الذين يتخرجون من هذه الدول سيكونون محملين بثقافات ولغات تلك الدول، وسيكون من مصلحة السعودية سواء من الجانب التعليمي أو الثقافي أو الاقتصادي. تفرغ للدراسة وأكد الدكتور محمد الحيزان المستشار والمشرف العام على العلاقات العامة والإعلام بوزارة التعليم العالي أن هذا القرار امتداد للدعم السخي الذي قدمه برنامج خادم الحرمين الشريفين في الاهتمام بالطلاب والطالبات المبتعثين والمبتعثات وتقديم كافة السبل التي تيسر لهم الحصول على المعرفة والتعليم من أبرز الجامعات العالمية. وأشار إلى أن ضم الطلبة والطالبات الدارسين والموجودين في الصين واليابان وكوريا له انعكاس إيجابي على تحصيلهم المعرفي، وبالتالي يتفرغون تماما لتحقيق الهدف الذي من أجله تم التحاقهم بالجامعات في تلك البلدان، متطلعا أن يعودوا إلى أرض الوطن ليقدموا ويسهموا في التنمية التي تعيشها البلاد. توسع حقيقي وأوضح الدكتور عبدالله الموسى وكيل وزارة التعليم العالي لشؤون البعثات أن برنامج خادم الحرمين للابتعاث الخارجي شهد توسعا كميا ونوعيا في شؤون الابتعاث، لم يشهده تاريخ السعودية على مدى العقود الماضية، من حيث أعداد المبتعثين وتنويع دول ومؤسسات التعليم المبتعث لها، وتنوع التخصصات التي تتوافق وحاجات سوق العمل وخطط التنمية الوطنية. وأضاف: “صاحب هذا التوسع الكمي في أعداد المبتعثين والمبتعثات وتعدد التخصصات المبتعث لها ودول الابتعاث تنظيم في خدمة المبتعثين، حيث أنشئت في وزارة التعليم العالي وكالة تختص بشؤون البعثات، تم دعمها بخبرات أكاديمية وإدارية عالية، كما تم زيادة أعداد الملحقيات الثقافية السعودية في الخارج، حيث ارتفع عددها من 24 ملحقية عام 1426 إلى 32 ملحقية حاليا، وتم دعمها بالكفاءات المؤهلة لدعم ومساندة أبنائنا الطلاب والطالبات المبتعثين”. سد الفجوة وأشار إلى أن البرنامج أتاح لأكثر من 70 ألف مبتعث ومبتعثة فرصة الدراسة، واكتساب المعارف والمهارات، وتحقيق الامتداد الثقافي بين السعودية والحضارات الأخرى، من خلال أكثر من 25 دولة في العالم، تتقدمها أمريكا وبريطانيا وأستراليا وكندا، وأثمر ذلك عن التحاق المبتعثين في تخصصات تتفق وحاجات سوق العمل وتتواءم مع خطط التنمية، وأضاف: “نظرا إلى إنشاء المدن الاقتصادية والتوسع في الأنشطة المالية والاقتصادية أدرج مجال الاقتصاد والعلوم الإدارية والمالية، ونظرا إلى الفجوة التي أظهرتها إحصاءات وزارة العمل في المهن الهندسية والطبية والاتصال والحاسب الآلي التي يمارسها غير السعوديين عمد البرنامج إلى سد هذه الفجوة بالكوادر الوطنية، كما أن الجامعات وخاصة الناشئة تستعد للإفادة من مخرجات هذا البرنامج لسد حاجتها من أعضاء هيئة التدريس”. وبيّن الموسى أن البرنامج أتاح الفرصة للمرأة السعودية لتتعلم، لكي ترقى بمجتمعها وأسرتها، وتكون عنصرا فاعلا في بناء المجتمع. وأكد الطلاب والطالبات المبتعثين في الصين وكوريا واليابان أن القرار يجسد الإحساس الجميل والشفاف الذي تتمتع به القيادة في كل ما يهم أبناءها وبناتها المبتعثين، وأن هذا التوجيه يحمل البشرى لكل طالب وطالبة مبتعث راغب في العلم وصناعة المستقبل وتحقيق الطموح. وذكروا أن كل القرارات تعكس رؤية ثاقبة لفكر نير واهتمام بالشباب والشابات باعتبارهم ركيزة أساسية في التنمية والنمو، وأنهم سيكونون في المستقبل عماد الوطن.