فتحت توصية مجلس منطقة الرياض بتوفير حارسات أمن في المدارس، باب الأمل لكثير من الطالبات وأمهاتهن اللاتي تنتابهن المخاوف من آن لآخر من الطالبات المشاغبات ومن حوادث السرقات، فيما فتح باب الأمل الآخر لكثير من راغبات التوظيف اللاتي يحلمن بالتعيين عبر نافذة الخدمة المدنية. إلا أن فشل الإقبال على حراس الأمن الرجال، وعدم الارتقاء بعمل بعض الحارسات حاليا يضاعف المخاوف من فشل التجربة، وما يمكن أن تفرزه من عوامل تجعل العنف في المدارس قائما تحت بصر وأعين المراقبات، فيما تتكبد خزانة الدولة ما يصل إلى الملايين دون جني الفائدة المرجوة. فهل يمكن أن يتقبل المجتمع الفكرة، وهل حارسات الأمن يمكن أن ينهين شغب المدارس فعليا، أم مجرد شخصيات لا يمكن أن نعول عليهن. وكيف يمكن أن نرتقي بمثل هذه الوظائف لتصبح مرغوبة من الجامعيات، وليست حكرا على غير المتعلمات أو الحاصلات على أنصاف التعليم وكبيرات السن غير القادرات على أن تسقي نفسها كوبا من الماء، مثلما حال مواصفات كثير من حراس الأمن الرجال. “شمس” طرحت التوصية أمام شريحة مختلفة ممن لهم صلة بالمدارس، وصولا إلى فئة جربت العمل في هذا المجال، على أمل الخروج بتوصية تدفع الاقتراح للأمام مسترشدة برأي المجتمع. غير مناسبة مريم عملت حارسة أمن في بعض المدارس والجامعات لسبع سنوات، لكنها اكتشفت في نهاية المطاف أنها لا تناسبها، عطفا على عدم مواكبة الراتب لمستوى التعب والمشقة التي تبذلها. وقالت “لا نشعر بالفائدة من وراء العمل، بل دائما ينتابنا الإحباط بسبب قلة رواتبنا التي تتراوح من 1200 إلى 1500 ريال، الأمر الذي يبقينا في خانة رواتب عاملات المنازل والسائقين، رغم أننا نبذل جهدا وعناء مضاعفا، ما دفعني للتخلي عن الوظيفة التي تعتبر بلا مقابل”. أين الدورات ولا تعتقد منى أنها فهمت مهام وظيفتها رغم مرور خمس سنوات على عملها كحارسة أمن، والسبب - حسب قولها - لعدم توافر الدورات المؤهلة للعمل، فيما عدم الاستقرار الوظيفي يهدد الجميع، وفي أي لحظة نشعر أننا مطرودات من العمل حسب رغبة المدير، أو منقولات من موقع لآخر على أقل تقدير. نفتقد للاحترام لكن فاطمة حارسة الأمن ترى أن عدم احترامهن من قبل الطالبات يفرض حاجزا نفسيا يمنع استمرارهن في المهنة، وقالت “مجرد ما نقف أمامهم وننصحهم، يبادرون في الصراخ ضدنا، ودائما نتعرض للتجريح منهن إذ لا يشعرن بأهمية عملنا ومساهمتنا في الأمن والاستقرار في الفصول الدراسية”. وتشير إلى أنه ربما كان تقنين العمل من قبل وزارة الداخلية، يحسن المهنة، مضيفة “نحن جنديات مجهولات خلف الكواليس، ونتمنى أن يسطع نورنا بعد فترة، لكن يجب أن تتاح لنا الفرصة في الدراسة الجامعية بذات التخصص للارتقاء بالمهنة”. نهاية الضغوط اليومية وأكدت نوال معلمة المرحلة الثانوية أن توفير حارسات أمن مدربات ومؤهلات، سيخفف الضغط على المعلمات اللاتي حتما سيتفرغن لمهام التدريس، وسيشعرن بالأمان، وقالت “ستتحول لهن المهام والمسؤوليات الخاصة بسلوكيات الطالبات لنرتاح من الضغوط التي تعترضنا خلال المناوبات في الفترتين الصباحية وبعد الظهر، لأن حارسة الأمن هي التي ستناوب يوميا وتراقب الطالبات في الدخول والخروج وتمنع التشابك اليومي بين كثير من الطالبات”. منع حوادث السرقات ولا تعتقد حياة المعلمة أن وظائف حارسات الأمن يجب أن تقتصر على متابعة سلوكيات الطالبة، بل يجب أن يتعدى الأمر لمتابعة السلوكيات في المدارس بوجه عام، “فبعض المعلمات تصدر منهن سلوكيات خاطئة تحتاج لتقويم، كما يقلل وجود الحارسات من حوادث السرقات بين الطالبات، أو العبث بالمنشآت المدرسية”. مواصفات مطلوبة وتعتبر فريال المعلمة أن حاجة المدارس للحارسات باتت شيئا مهما جدا، مثل حاجتها إلى المديرة والمساعدة والمعلمة والمستخدمة والمراقبة والمشرفة، فكل منا يكمل دور الآخر. وأوضحت أن حارسة الأمن يجب أن تتواصل مع المديرة والأمهات، ويمكن تكليفها بسجل الزيارات، ورصد حالات التأخير، والمشاركة في تنظيم زحام الطالبات على المقاصف المدرسية، والتدخل لحل الإشكالات بين الطالبات. وحددت الشخصية المطلوبة في حارسات الأمن لتنفيذ تلك المهام “لا بد أن تكون ذات خبرة وشخصية قوية، ومرنة، وذات أسلوب مقنع، ولديها معرفة واسعة بالإسعافات الأولية واستخدام طفايات الحريق ومواجهة المصاعب، ولديها القدرة على مواجهة تجمهر الطالبات، واتصالها الجيد بالآخرين، وإلمامها بكل شيء عن المدرسة ومنسوباتها”. غرفة تحكم وتجمع بعض الطالبات على أن وجود حارسات أمن يخدمهن في الحد من حوادث السرقات التي تعد ظاهرة في المدارس، وترى لمى أن رقابة الحارسات الأفضل، وحبذا لو وفرت لهن كاميرات وغرفة للرقابة والتحكم لتأمين المدارس بشكل أكبر. وتؤكد صبا محمد أن رقابة الطالبات المشاغبات تحد من التصرفات السلبية التي ترتكب في الفصول أو الفسحة، لننعم بالهدوء والدراسة في جو مثالي. فرض الهيبة وتتمنى سحر خالد أن تفرض الحارسات هيبتهن على المدرسة، ليعم الأمن جميع الفصول الدراسية، وقالت “إذا شعرنا بهيبة حارسة الأمن وقوتها، فسيقودنا ذلك للخجل من القيام بأي تصرف مخالف، وعدم المشاغبة لأننا سنكون دائما تحت المجهر”. وتشير شروق إلى أنه متى ما توفر الزي الملائم لحارسات الأمن، فإن الرغبة في تقليدهن ولعب دورهن ستنعكس على الطالبات، ما يفيد في تقبل المجتمع لهذه المهنة، لأن الطالبات يجذبهن المظهر”. مطلوب إطفائيات وأيد أحمد قاسم ولي أمر طالبة توفير أمن نسائي لمدارس البنات، ما يعزز الأمن والسيطرة داخل المدارس، ويضبط الهمجية التي تقع من بعض الطالبات، ويحد من استخدام التقنيات الرقمية وجوالات الكاميرا داخل تلك المنشآت. وقال “ لو طبق القرار سيساهم بشكل كبير في الرفع من الوعي للاستخدام الأمثل لهذه التقنية، وسيجعل المعلمات والطالبات يشعرن بالأمان داخل المدارس عند حدوث أي مشكلة لضمان عدم دخول الرجال عليهن، ويجب التوسع في تدريب العنصر النسائي ليشمل التعامل مع جميع أوجه الحياة اليومية خاصة الجانب الإطفائي”. ويشير أحمد يحيى إلى أن مديرة المدرسة أو المعلمة يحتجن إلى هذا النوع من الحارسات لاستحالة مراقبة كل الطالبات، سواء في نهاية اليوم الدراسي أو الفسحة، ما يمنع مشاجرات الطالبات وكثيرا من السرقات. لا لمراقبات العنف لكن عبدالله سالمين رفض فكرة تعيين مراقبات على الطالبات؛ لما في ذلك من مؤثرات نفسية على الطالبات، خاصة إذا جاء التعامل بفظاظة، والمؤسسات التربوية يقع على عاتقها الأمن النفسي للطالبة بالتضافر مع الأسرة. وقال وجود إشكاليات في بعض المدارس يعد استثناء وليس حالة عامة، والحل يكمن في وجود لوائح وآليات وأنظمة تكفل الحقوق لجميع العناصر المسيرة للعملية التربوية وليس في تعيين حارسات أمن داخل المدارس. وأضاف “الفكرة مرفوضة تماما لأنه يجب البحث عن الأسباب التي أدت إلى ظهور بعض السلوكيات العدوانية وعلاجها لا تركها، فالمعلمة أيا كان سنها بمجرد دخولها للمدرسة يجب أن تصبح أما وأختا للطالبة”، معتبرا أن ظهور إشكاليات أخيرا ناجم عن سوء معاملة، متسائلا لماذا لم تظهر في السابق هذه القضية، لأن التربويات كن يتعاملن مع الطالبة ككيان بشري، والطالبة عندما تجد المعاملة الحسنة يتغير الوضع فالوقاية خير من العلاج”.