يبدأ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز اليوم زيارة رسمية، هي الأولى من نوعها إلى البحرين تمتد ليومين بناء على دعوة كريمة تلقاها من الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين. وتشكل الزيارة علامة فارقة ولبنة جديدة وحلقة استثنائية في مسيرة تعميق وتوطيد علاقات التعاون المشترك، وتكتسب أهمية بالغة من حيث التوقيت والمضمون في ظل ما يتمتع به الزعيمان من رؤية ثاقبة وقراءة واضحة وواقعية للظروف الدولية والإقليمية الراهنة ومع ما تمر به المنطقة العربية حاليا من تحديات. وبدورها، رحبت البحرين حكومة وشعبا بالزيارة الرسمية التي يقوم بها خادم الحرمين، وقال بيان صدر عن الديوان الملكي البحريني أمس إن الملك حمد بن عيسى سيكون في مقدمة مستقبلي أخيه خادم الحرمين الشريفين لدى وصوله. وبين أن خادم الحرمين الشريفين وملك البحرين سيجريان مباحثات تتناول العلاقات الأخوية المتميزة التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين وآخر التطورات الإقليمية والعربية. وأضاف البيان:“انه بهذه المناسبة الكريمة يغتنم الديوان الملكي البحريني ليرحب بضيف البلاد الكبير خادم الحرمين الشريفين، متمنيا له طيب الإقامة في بلده البحرين”. وتعد الزيارة التاريخية تتويجا للعلاقات الأخوية والوطيدة والمتميزة بين قيادتي البلدين وما تشهده من تطور ونماء من التعاون في شتى المجالات في ظل تميز العلاقات السعودية البحرينية التي تتجسد في التطور الملحوظ في العلاقات الثنائية المشتركة والتواصل والتشاور المستمرين تجاه القضايا الخليجية والعربية والإقليمية. كما تأتي لتضيف إلى تاريخ العلاقات بين البلدين فصلا جديدا من التعاون، وتعد تأكيدا لمدى حرص البلدين على تنمية علاقاتهما الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وتعزيز التعاون الثنائي والعمل الخليجي المشترك والانطلاق به إلى آفاق أرحب. وتستند العلاقات التي تربط البلدين إلى تاريخ من الاحترام ومشاعر المحبة بينهما وإيمانهما بأن حقائق التاريخ ربطت بينهما بوشائج متينة ووثقت علاقاتهما على مر الأزمان برباط وثيق من التواصل والتعاون في ظل وحدة الهدف والمصير. وتتفرد العلاقات الثنائية بين السعودية والبحرين بالعديد من المميزات والخصائص تجعل منها أنموذجا في العلاقات العربية العربية القائمة على صياغة رؤية مشتركة لترسيخ دعائم التعاون القائم بين البلدين منها تطابق رؤى قيادتي البلدين تجاه القضايا العربية والإقليمية وكيفية التفاعل معها مع التمسك بالثوابت العربية والإسلامية تجاه جميع القضايا وتعزيز سبل العمل العربي المشترك والسعي إلى إحلال السلام الشامل والعادل ودعم الجهود التي تضمن تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، حيث ينتهج البلدان سياسة خارجية قوامها العقلانية والحكمة والتمسك بمبدأ الحوار في كل المحافل الإقليمية والدولية. وتمثل السعودية عمقا استراتيجيا اقتصاديا للبحرين كونها أكبر سوق اقتصادية في الوطن العربي وتعتبر فرصة استثمارية كبيرة أمام القطاع الخاص البحريني لترويج البضائع والمنتجات البحرينية وتلك التي تصل البحرين (ترانزيت) في إطار سياسة إعادة التصدير ولاسيما أن اقتصاد البحرين يعد أكثر اقتصادات المنطقة تطورا وتحررا بفضل السياسة الاقتصادية التي اختطتها قيادة البحرين وصولا إلى الرؤية الاقتصادية 2030. وتشكل حركة السياحة نشاطا حيويا بين البلدين أخذا في الاعتبار أن عدد المسافرين لمجموع الاتجاهين منذ بدء تشغيل جسر الملك فهد في 9 نوفمبر 1986 إلى نهاية العام 2008 بلغ 170.9 مليون مسافر بمعدل 21.188 مسافرا يوميا للاتجاهين مع العلم أن البحرين استقبلت نحو 4.46 مليون سائح خلال النصف الأول من العام الماضي غالبيتهم من السعودية. وتعد زيارة خادم الحرمين الشريفين وما يتخللها من مباحثات اقتصادية فرصة لتعزيز سبل التعاون الاقتصادي والتجاري والتنموي المشترك ولاسيما في إطار سعي البحرين في جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية وتوفير كل الإمكانات لاستقطاب هذه الاستثمارات مع ما تتميز به البحرين من بيئة استثمارية ومالية ومصرفية وتشريعية وقانونية أشادت بها تقارير المنظمات الدولية الاقتصادية العريقة منها تقرير (الاستثمار العالمي 2009) الصادر عن مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) الذي أشار إلى ارتفاع رصيد البحرين من الاستثمارات الأجنبية إلى أكثر من 18.84 مليار دولار بنهاية العام 2008 كما حققت البحرين المركز الأول خليجيا والثاني عشر عالميا في استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وفقا لتقرير الاستثمار العالمي 2008 فيما تحتضن السعودية 414 مؤسسة مالية ومصرفية وشركة تأمين (نوفمبر 2009) بينما قفزت الموازنة الموحدة للجهاز المصرفي إلى نحو 224.3 بنهاية سبتمبر 2009. كما يجمع البلدين تعاون في المجالات الثقافية والفنية والأدبية انطلاقا مما يربط بينهما من وحدة اللغة والثقافة والتاريخ المشترك يعززه حرص الملك حمد بن عيسى على حضور مهرجان الجنادرية للتراث سنويا الذي يرعاه خادم الحرمين الشريفين. وفي إطار التعاون الثقافي والفني المشترك بين البلدين استضافت البحرين في منتصف فبراير 2009 معرض الملك سعود الذي احتوى على نحو 150 صورة مختلفة تجسد تاريخ الملك سعود وبدايات الدولة السعودية الثالثة.