لست هنا لأقدم الوعظ المباشر؛ فذلك له وقته وظروفه، وله من هو أجدر مني بذلك. لكني هنا لذكر بعض الأمور التي أراها ويراها غيري ملايين في كثير من مدننا. فأردت إشراك القارئ بها وترك الباقي لذكائه الاجتماعي، والتذكير (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين). أسأل القراء والقارئات الكرام: ماذا يمنع كثيرا من المصلين من إغلاق هواتفهم المحمولة لنصف ساعة أو أقل لأداء صلاة الجمعة أو الصلاة بشكل عام في المسجد؟! حقيقة أتساءل عن مكانة هذا الشخص أو ذاك وحجم أعماله التي قد تصل إلى بورصة نيويورك أو طوكيو والتي يصعب بناء عليها أن يغلق هاتفه ليصفو ذهنه بلقاء ربه وفي بيته؟! أضف إلى ذلك ما يسببه من تشويش على المصلين في مكان أحق ما يكون بالتزام السكينة والهدوء فيه والبعد عن توافه الأمور. تعجب لما تسمعه من نغمات ما أن يشرع الإمام بالصلاة، بل إنه حدث أن ورد اتصال إلى هاتف أحد المصلين في صلاة المغرب في أحد المساجد عشر مرات متتالية وهذا المصلي لم يكلف نفسه إغلاق الجهاز! حقا حتى التقنية التي استوردناها لم نحسن التعامل معها، واستخدامها بشكل حضاري هو من هدي ديننا الإسلامي، إلا من رحم الله ولا أعمم. تعجب من رقي التنظيم والصف في الصلاة، وهذا من عظمة الإسلام الذي لفت أنظار كثير من غير المسلمين، إلا أن هذا للأسف لم يستوعبه كثير من المسلمين لينعكس على سلوكهم بعد الصلاة. انظر إلى طريقة إيقاف السيارات خارج المساجد يوم الجمعة؛ فعلا تشعر بالخجل أمام غير المسلمين. ألهذه الدرجة يبلغ بالبعض الكسل لعدم الرغبة في المشي ولو قليلا وإيقاف السيارة بشكل نظامي وعدم إزعاج مستخدمي الطرق! ذهبت مرة للصلاة في المسجد المجاور للقاعدة الجوية بالرياض يوم الجمعة، وهالني ما شاهدته من أمور مخجلة بمعنى الكلمة. تصوروا أعزائي القراء أن السيارات سدت الشارع تماما وتم إيقاف العشرات منها بوسط الطريق، بل أكثر من ذلك أنها أوقفت أمام بوابة القاعدة الجوية وهو مرفق حساس ويجب أن يكون له احترامه، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لإقناع كثير من المصلين. بل لو سألتهم باحتجاج لرد أحدهم عليك بأني أريد الصلاة! ولا يهم الباقي، سبحان الله، وكأن ديننا داخل المسجد فقط. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول (الدين المعاملة). ثم سلوكيات البعض في القيادة بعد الخروج من الصلاة من تجاوز وعدم مراعاة حق الطريق واستخدام المنبه بشكل فج ومزعج. لماذا نسمح (للخواجات) بأن يكونوا أكثر تحضرا منا ونحن أصحاب دين الحضارة!