لا يجدون حرجا في ممارسة هويتهم رغم النظرة الدونية من المجتمع نحوهم، يصطدمون بعوائق مختلفة فيصرون على إكمال مشوارهم، يتطلعون لتبني جمعية الثقافة والفنون لمواهبهم رغم الصعوبات، إنهم شباب ال(هيب هوب) الذين انتقلوا من مجموعة يمارسون هوايات الرقص والغناء بعشوائية وبتعليم ذاتي، إلى فرق بدأت تتهافت عليها أصحاب الزواجات والحفلات كجزء من ثقافة شبابية حديثة انتهجوها بعد إعجابهم الشديد بها؛ كونها تفرغ طاقاتهم وتحتضن مهاراتهم وتنمي أحلامهم. المنطقة الغربية هي الأكثر استيعابا على المستوى المحلي لثقافة ال(هيب هوب)، وهي ثقافة مستوحاة من أفلام أجنبية وأعمال الأكشن وجزء من منظومة رياضات وألعاب وهوايات دخلت بطريقة الإعلام المرئي وعن طريق شبكة الإنترنت إلى شباب سعوديين وجدوا فيها مجالا رحبا لإمتاع أنفسهم وإمتاع الآخرين، وصقلوا من خلالها طاقات يمتلكونها حتى تحولوا من هواة يمارسون الرقص بطرق بدائية إلى محترفين ينشدون لهم موقعا متقدما في سلم النجومية، سواء عن طريق الأفلام أو الفن أو الغناء، أو أي مجال ينمي مهاراتهم التي دأبوا على تعلم الجديد واستلهام كل حديث فيها. نظرة دونية محمد سليمان رئيس مجموعة جنود الغربية لل(هيب هوب)، أكد أنه أسس مع ستة من زملائه الآخرين مجموعة لل(هيب هوب) منذ نحو عشر سنوات، مضيفا أن انتشارهم على مستوى الحفلات والمشاركات الخاصة تكونت منذ ثلاث سنوات تقريبا، مضيفا أنه وزملاءه بدؤوا بطريقة ذاتية وبجهودهم الخاصة بالتعلم والتدريب ومتابعة كل جديد في عالم ال(هيب هوب). وأضاف سليمان أنهم في الآونة الأخيرة اتجهوا إلى الاشتراك في بعض الحفلات الخاصة كالزواجات وغيرها بناء على طلب من أصحابها، حيث إنهم يخصصون لهم وقتا من الزواج كي يقوموا فيه بالرقص والغناء على طريقة ال(هيب هوب)، مضيفا أنه وزملاءه وفروا أدوات تسجيل وميكروفونات وبعض الأدوات التقنية اللازمة لأنشطتهم، ويتقاضون مبالغ تتراوح من ألف إلى ألفي ريال، مضيفا أنهم ومن خلال هذه الحفلات وجدوا ضالتهم ووجدوا أن هناك من يشجع هذه الهواية رغم امتعاضهم وقلقهم الشديد الذي يجدونه على الدوام من جراء النظرة الدونية والسلبية وعدم التقبل من المجتمع، موضحا أن ال(هيب هوب) هواية وفن مثله مثل غيره، ولكنه وأفراد فريقه والفرق الأخرى في جدةومكة بدؤوا يتوجهون إلى مسار إيجابي من خلال التشجيع الذي يجدونه، إضافة إلى الإقبال الكبير والمتابعة التي يحظون بها عندما يقومون بعمل وتنفيذ بعض النشاطات في بعض الشوارع والمواقع العامة. مسميات غريبة أكد سليمان أن لديه وأفراد فرقته مسميات مختلفة لكل عضو؛ فالكل مشهور باسم معين فهو معروف باسم (جوكر جي ار) وهنالك مسميات أخرى لزملائه وهي (داكلي، ناتو، جيسون، أوجي، ديابلو)، وعن تلك المسميات أكد أنها أسماء غربية أو اختيارات انفرادية لأعضاء الفرقة، وبعضها لأعضاء (هيب هوب) عالميين، وأضاف أنهم متعلقون بهذه الأسماء وأصبحت خاصة بهم بين أعضاء الفرقة أو المعجبين أو المتابعين للفرقة من خارجها. وأشار سليمان إلى أنهم لا يزالون متمسكين بهذا الفن ويسعون من خلال جهودهم الذاتية إلى تطويره والارتقاء به ومحاولة تعديل رأي المجتمع نحوه، في حين أن بعض أفراد المجتمع غير النظرة بعد أن عرفوا أهدافهم ورؤياهم عن هذا الفن وأنه فن مثل غيره، وأنهم من خلاله يسعون إلى صقل مواهب خاصة لديهم وتطوير مهاراتهم وارتباطهم بفن قد يتحول في يوم من الأيام إلى نشاط يكسبون من خلاله ويدر عليهم دخلا وفيرا كما هي حال الفنون الأخرى. موهبة واحتراف وأشار صبري نصير (22 عاما) والمشهور ب (داكلي) إلى أنه وأعضاء الفريق وصلوا إلى تكوين مجموعة من الشباب لممارسة ألعاب ورقص ال(هيب هوب) والغناء في الميادين وبدؤوا هواة وأصبحوا على تواصل مع بعضهم بعضا ومتابعة كل جديد في عالم اللعب، وتمكنوا من صقل مواهبهم عن طريق المنتديات والمواقع المختصة بال(هيب هوب)، إضافة إلى أنهم استمروا في التجمع بشكل دائم في مدينتي مكةوجدة وبدؤوا تدريجيا في تطبيق بعض الحركات والرقصات، وشيئا فشيئا تمكنوا من احتراف بعض الرقصات وأداء وصلات غنائية مع تلك الرقصات وتحولوا من هواة إلى محترفين. وأضاف صبري أنهم تمكنوا من خلال جهود ذاتية من جمع الشباب في فرقة واحدة وجلبوا أدوات تخص نشاطاتهم، مؤكدا أنهم يتطلعون إلى استيعاب المجتمع لما لديهم من طاقات إضافة إلى عدم لومهم وكذلك التطلع إلى مواقع مخصصة ليمارسوا فيها نشاطاتهم، مؤكدا أن العديد من تجمعاتهم تحظى بمتابعة وإقبال شديدين وإعجاب من بعض الجمهور، حيث إن البعض يطلب منهم أن يستمروا، وآخرين يطلبون منهم إعادة ما يقومون بأدائه من حركات. وأكد صبري أنه وزملاءه لديهم القدرة على إنتاج ألبوم غنائي أو فيلم مخصص لل(هيب هوب)، مشيرا إلى أنه وزملاءه باتوا من المحترفين وأصبح لديهم جمهورهم الخاص متطلعا إلى أن يجدوا من يقدر نشاطهم ويحتضن مواهبهم. إقناع الأقارب من جانبه، أكد إسماعيل معاذ (22 عاما) أنه وزملاءه من أعضاء ال(هيب هوب) واجهوا في بدايات ارتباطهم بهذا الفن صعوبات متعددة، حيث إنه قضى وقتا طويلا وهو يصارع المجتمع ونظرته إلى أنشطتهم، مؤكدا أنه في ذات الموضوع بات يقنع الجميع حتى أقاربه، حيث استغرق موضوع إقناعهم وقتا طويلا، وأشار إلى أنهم يجتمعون ويستفيدون من بعضهم في معرفة الجديد في عالم ال(هيب هوب) وأن مجموعتهم تستقطب أعضاء جددا ممن بدؤوا يتدربون على هذا الفن، مضيفا أنه وزملاءه دربوا العديد ممن أبدوا رغبتهم في الانضمام إلى أنشطة المجموعة وأن للفريق متابعين وأن فن ال(هيب هوب) بدأ ينتشر بشكل كبير، مضيفا أن لديهم معجبين وجمهورا ليس في مكةوجدة فحسب، بل في الرياض والشرقية ومناطق أخرى من السعودية وحتى خارجها عبر أشخاص يتواصلون معهم عبر شبكة الإنترنت. وعن العوائق أكد أنها كثيرة ولكن أساريرهم تنفرج بمجرد أن يجدوا إقبالا عليهم وهو ما عكسته طلبات من بعض الأشخاص لهم كي يسطروا إبداعاتهم، وأكد أن العديد من المتفرجين يتناقشون معهم حول الفن وكيفية ألعابهم؛ لأنها ألعاب احترافية وتحتاج إلى وقت وجهد، موضحا أنهم في تطوير دائم لمهاراتهم ومتابعة الجديد. تشجيع ومتابعة من جهة أخرى، أكد سلمان عقيلي (20 عاما) أحد الشباب المتجمهرين حول فن ال(هيب هوب) في أحد شوارع جدة أن الفرق تمتعنا وزملائي ودائما ما نبحث عنهم خلال إجازة نهاية الأسبوع، مؤكدا أنه يسعى قريبا للانضمام إلى تلك الفرق لأنه يجد فيها متعة غير عادية، بل إن هؤلاء الشباب يؤدون حركات ورقصات صعبة جدا، وهي بلا شك لم تأت إلا بعد تدريب قاس ومتقن، مضيفا أنه حدث والده حول ذلك ولكنه رفض، وأشار إلى أنه يحاول أن يكلمه مرات أخرى حتى يقتنع لافتا إلى أن ال(هيب هوب) فن مثل غيره، بل يستهوي الشباب ويفرغ شحناتهم وطاقاتهم في مجال سوي، وأضاف أنه في آخر مرة طلب رقم هاتف أحد المبدعين في لعبة ال(هيب هوب) حتى يتسنى له التواصل معه ليتمكن من معرفة جلساتهم والأماكن التي يؤدون فيها هذا الفن. وأشار سمير إبراهيم (18 عاما) إلى أنه لا يرى مانعا في ممارسة ومشاهدة عروض ال(هيب هوب)، وقال إنه يستغل وزملاؤه أي متسع لديهم من الوقت ليتوجهوا إلى مواقع في جدة لرؤية ألعاب ال(هيب هوب)، بل التصفيق الحار لأعضاء الفرق لأن بعضهم على حد تعبيره يجبرك على تشجيعه بفعل حركاتهم الخطرة والاحترافية، التي تشد انتباه الجميع وتجبر المتجمهر حولهم بأن يشجعهم.