ما لا يعرفه الكثيرون أن فكرة تطبيق برنامج الفحص الطبي قبل الزواج التي يعمل بها بشكل رسمي في السعودية لإتمام أي زواج انطلقت من سيدة سعودية تعمل لصالح لجنة خدمة المجتمع في محافظة الأحساء، قادت فريقا من الدارسين والباحثين (المتطوعين) جابت بهم السعودية ليتوصلوا إلى نتائج مهمة كان لها دور كبير في وضع التصور الشامل لهذا البرنامج الذي تم تجاهله إعلاميا ولم تعره وزارة الصحة حينذاك اهتماما، وأنصفته جهات عليا في الدولة حيث أقر رسميا من خلال مجلس الوزراء. الدكتورة هدى المنصور هي صاحبة المبادرة تؤكد في حديث لها مع “شمس” أن دافعها الرئيسي هو إنقاذ ما يزيد على 13 طفلا يولدون يوميا وهم يعانون أمراضا خطيرة وتشوهات خلقية، “من ثم بدأ التفكير جديا في المشروع الذي يحمي الأسر ويقلل من نسب الأمراض التي انتشرت بسبب العوامل الوراثية”. وتضيف الدكتورة المنصور: “رفضت عرضا من جامعة فرنسية للعمل على مشروع مشابه، وفضلت أن أستثمر طاقاتي في عمل ما يخدم بلدي، خصوصا أن العرض الفرنسي كان يطلب مني إحضار عينات فقط لأطفال سعوديين يعانون مرض (الثلاسيميا) لتحليل تلك العينات وعمل الدراسات عليها”. وعن بداية اكتشافها لمرض (الثلاسيميا) تقول: “كنت أعمل في المختبر ولاحظت أن مرضى الدم كثر، وبالمصادفة زارني شاب عشريني يعاني المرض، وبعد سنوات أحضر لي ابنه المصاب بالمرض ذاته؛ ما يعني توارثهم هذا المرض ونقلهم له، وهذا أمر غاية في الخطورة”. وتضيف: “بعد دراسات توصلت إلى نتائج معينة عرضتها على وزارة الصحة، وطالبت بضرورة تطبيق الفحص الإلزامي على المتقدمين للزواج؛ حتى لا يتم تزويج شاب وفتاة يعانيان المرض، ومن ثم ينتقل إلى الأبناء، وأفادوني حينذاك بأن الفكرة غير قابلة للتطبيق؛ كون المجتمع السعودي قبليا، وسيرفض الأمر برمته، إضافة إلى أن هيئة كبار العلماء لن ترضى بقرار كهذا”. وفسرت الدكتورة المنصور وجهة نظر (الصحة) بأنها عقبة حقيقية واجهتها والإشكالية موجودة لدى بعض المسؤولين وليس المجتمع، وتقول: “نتائج أبحاثي هذه سلمت للوزارة قبل 25 عاما من إقرار البرنامج، وهذا يعني أن جيلا كاملا من المرضى يعانون منذ ما يزيد على ربع قرن”. وأردفت تقول: “بعد هذه المدة شعرت بأن تحقيق هذا الهدف مهم جدا، فتواصلت مع ولاة الأمر وشرحت لهم الأمر بالتفصيل؛ لما له من مصلحة كبيرة للوطن من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والصحية؛ كونه يسهم في إنقاذ حياة أجيال قادمة، وتم إقراره وطبق البرنامج، وأسهم بشكل فعال في تقليل المخاطر”. واتهمت المنصور بدورها وسائل الإعلام بالتقصير معها، وتقول: “لجأت إلى أكثر من وسيلة إعلامية ولم أجد أي تفاعل أو تجاوب، وتواصلت حتى مع منتجي الأعمال والبرامج التلفزيونية لتبني فكرة الموضوع وطرحه، لكنهم خذلوني ولم أجد أي دعم منهم”.