لا أحد يسمّي شارع بلال بن رباح في حي البديعة باسمه، إلا اللافتة التي تحمل الاسم. أما السكان والتجار فيسمونه شارع العمال. وهو اسم لم يأتِ من فراغ، بل سببه تكدس العشرات من العمال والحرفيين على امتداد الشارع منذ ساعات الصباح الأولى كل يوم طلبا للعمل الفردي. ويفرق طالب العمل بينهم بأدواتهم التي يلوحون بها، وبمناطقهم، فللسباكين ناحية، وللكهربائيين ناحية أخرى، ولعمال البناء مكان ثالث، ولكن على نفس الشارع. وبقدر ما يبدو هذا التجمّع مفيدا للباحث عن عمال صيانة، إلا أنه أشبه بالفخ من ناحية المقدرة المهنية للعمال هناك، إذ لا يمكن التأكد من مدى إجادة العامل للمهنة التي يدّعيها. وفي ذلك يقول ناصر السبيعي، أحد سكان الحي: إنه واجه مشكلة في سباكة منزله وأحضر عاملا من شارع العمال تقاضى نحو 400 ريال، لكن المشكلة عادت في اليوم التالي، وكلفه إصلاح الأضرار المترتبة مع الضرر الأساسي نحو ثلاثة آلاف و 500 ريال لدى مؤسسة متخصصة. ولا تحتكر الشارع جنسية بعينها، كما في شوارع أخرى مشابهة، بل هو (معولم) ويوجد فيه عمال من الهند وباكستان وأفغانستان وبنجلاديش ومصر وسوريا واليمن وغيرها. وتعد مؤسسات الصيانة ألد أعداء عمال الشوارع، وهو شعور متبادل، كما يوضح محمد عبدالعليم، المشرف على أعمال مؤسسة صيانة في الحي، إذ يقول: إنهم يعانون وجود هذه العمالة غير المدربة، “خصوصا أنهم يأخذون أجرا أدنى من المؤسسات بكثير، ولكن بعض الزبائن لا يعلمون أن جودة العمل أيضا أقل من المؤسسات بكثير”. ويؤكد عبدالعليم أن معظم من يجربون عمال الشوارع للمرة الأولى لا يعودون لذلك ثانية. ويقول عايض العتيبي: إن من المهم عند التعامل مع عمال الشوارع، البحث عن الأجود بينهم، ذلك أن مستوياتهم متفاوتة، وكذلك الأسعار التي يطلبونها. وأضاف: «بصفتي متعاملا في العقار، فإن لدي بعض الخبرة للتعامل معهم، فأنا لست ممن يثقون بهم على الإطلاق، ولست ممن هم ضدهم على الإطلاق، وأسأل أكثر من عامل في العادة لأتأكد من خبرته وأسعاره قبل أن أقرر أيهم أتعاقد معه». ويقول ناصر القخطاني أحد سكان الحي: إن المشكلة مع هؤلاء العمال تتعلق بكون العديدين منهم من مخالفي الإقامة، وهؤلاء، بحسب القحطاني “غير مأمونين فيما يتعلق بسكنهم وممارسة أعمالهم داخل الأحياء السكنية، ذلك أنهم يجتذبون الشبهات ويحيلون الحي إلى مكان للتعاملات المشبوهة”. ووجه عبدالعزيز الأحمري، وهو من الحي أيضا، لومه إلى كفلاء أولئك العمال، وقال: “العمال استُقدموا وهم يظنون أنهم سيعملون لدى مؤسسات تدربهم وتتعامل معهم وفق أنظمة العمال، ولكنهم حينما يأتون إلى هنا يجدون أنفسهم مضطرين لاستجداء العمل في الشوارع بسبب تهديد كفلائهم بإعادتهم إن لم يسددوا المبالغ الشهرية المطلوبة منهم، التي يجب أن يوفروها له بأي طريقة وعبر أي مهنة يدعون القيام بها”. ومن جانب آخر، يرى صالح علي، وهو مالك محل بقالة في الشارع، أن وجود هذا التجمع من العمال “بركة” لأنه يزيد من موارد بقالته، من خلال العمال أنفسهم، ومن خلال الزبائن الذين يتجهون للشارع من أجلهم. ويضيف صالح: “بغير وجود هؤلاء العمال سيكون شارعنا ميتا وبلا حركة.. ونحن لا نتمنى ذلك”.