أشعر بأنني بدأت أهرم حقا، إلى درجة أنني أتساءل بجدّية: كيف اصطبر زهير ابن أبي سلمى 80 عاما حتى سئم من تكاليف الحياة، وأنا لا أزال في بداية الثلاثينيات من عمري الملول أشيخ– نفسيا- كلما تفكرت في حالتي الانتقالية التي تلزمني بقول (31) بعد أن كنتُ حتى وقت قريب أختال بعشرينياتي الفتية حين يصرّ لحوح على معرفة عمري، وهي حالة تتفاقم حين أصادف شخصا لم أره منذ زمن، فيحلو له أن يتلاعب بالبقية الباقية من تماسكي المعنوي، فيقول: كبرت كثيرا! فينتابني فجأة شعور بالشيخوخة المبكرة، رغم المحاولات المستميتة التي تبذلها المرآة في طمأنتي بأن الجيش الأبيض لم يقترب من مفرقي بعد! ولا أدري كيف يتغلغل شعور كهذا في حياة امرئ تفصله عن أزمة منتصف العمر مشوار طويل، ولا أتحدث هنا عن مرض عضوي بقدر ما أصف حالة لا علاقة لها بتساقط الشعر وانحناء الظهر وتجعد الجلد؛ فالعمر أسرع من أن تلتقطه وقفة تأمل عابرة أمام مرآة لم أعد أثق في انطباعاتها كثيرا!