بعد أن لملموا ما بقي من متاع قليل بدأ عدد من سكان جنوب وشرق جدة في النزوح شمالا بعد أن شلت كارثة الأمطار والسيول مفاصل حياتهم وزرعت فيهم ذعرا سيعيش معهم طويلا، رغم المحاولات الجارية الآن لإعادة الأوضاع إلى طبيعتها، ورغم حالات الاستغلال والجشع التي سيطرت على بعض أصحاب العقار في الشمال الذين رفعوا إيجاراتهم إلى الحد الأقصى. مضطرون إلى الرحيل وقال صالح الزهراني (صاحب عقار) بحي قويزه إن سكان الدور الأرضي رفضوا البقاء في منزله خوفا من أي خطر قادم، وهذا ربما سيكون حال جميع سكان الأدوار الأرضية، فمن نجا منهم من الكارثة فلن يخاطر مرة أخرى بالبقاء، مشيرا إلى أن أسعار الإيجارات في المناطق المتضررة ستنخفض بشكل كبير نتيجة هذه الهجرة القسرية. وأضاف عويض السلمي (صاحب عقار) أن ما حدث في شرق وجنوبجدة سيجعل من الباحثين عن سكن أكثر حرصا في الاختيار، فلن يقتصر الأمر على نوع الشقة وشكلها ومواصفاتها بل سيزيدون عليها الموقع الجغرافي ومدى أمنه من هجمات السيول. أما حامد آل سعد (مستأجر) فذكر أن سكان الأدوار الأرضية والعليا سيان فإن سلمت الأرواح لم تسلم الممتلكات، فهذه الأحياء غير صالحة للسكن، فالأحياء التي تقام حاليا شرق قويزة والجبال التي يتم تكسيرها من أجل إقامة مخططات جديدة تجعل هذه الأحياء مهددة بالموت في أي وقت لذلك فلا بد من الرحيل ف»ما كل مرة تسلم الجرة». استغلال الكارثة وأبدى عدد من السكان النازحين سخطهم من استغلال ضعاف النفوس للكارثة التي ألمت بهم حيث رفع بعض ملاك العقارات في شمال جدة أسعارهم بشكل كبير. وقال عمر صالح إنه ومنذ يوم الكارثة يبحث عن مسكن جديد لأسرته، فإقامتهم في الشقق المفروشة التي وفرتها الدولة لهم لن تدوم، إلا أن بعض أصحاب العقار في أحياء الشمال بدأت في رفع الإيجارات في خطوة متوقعة من الجشعين، فأسعار الشقة ذات الغرف الأربع وصلت لمبالغ خيالية حيث لم يجد سعرا أقل من 24 ألف ريال للشقة مع العلم أنها لا تستحق حتى 20 ألفا. وذكر سعود الزهراني الذي أغرقت المياه كامل أثاث منزله أنه قرر الرحيل إلى الشمال بعد أن دب الخوف في نفوسهم، مشيرا إلى أن الشمال ورغم ازدحامه بشكل كبير، إلا أنه أفضل الخيارات حتى لو ارتفعت أسعار الشقق. زيادات من جانبه أكد أحمد رجب (صاحب مكتب عقار) أن بعض أصحاب العقار طلبوا منهم رفع الإيجارات إلى ألفي ريال توقعا لنزوح كثير من سكان الأحياء المتضررة إلى الشمال، كما طلب بعض الملاك عدم تجديد عقود السكان ليتسنى لهم تأجيرها للقادمين من الجنوب والشرق بأسعار أعلى.