أمضى النصراويون السنوات الأربع الأخيرة، وهي سنوات البحث الجاد عن معالم الطريق لعودة النصر لمنصات البطولات، أمضوها في نزاع بين واقع يحتاج للكثير من العمل والصبر، وبين طموحات منفلتة لا تنظر لواقع النصر بعقلانية، وكثيرا ما دفعت العمل إلى مناطق محرقة ولكن يبدو أن العقلية النصراوية بدأت هذا العام تتعامل بعقلانية مع مشكلات ناديها الفنية التي تتمحور حول عدم وجود عناصر قادرة على حمل طموحات مدرج الشمس إلى منصات التتويج.. مع بداية كل موسم يتم تشكيل توليفة فنية يتخيل الكثيرون أنها قادرة على الإتيان بالعمل المنتظر، ولكن ما إن تبدأ طاحونة منافسات الموسم بالدوران حتى يتحول كل شيء إلى رماد تذهب به الرياح، ولكن الصورة في النصر ليست سوداء؛ فقد أسست إدارة الأمير فيصل بن عبدالرحمن لعمل بدأت ملامح نتاجه تبيض المناطق السوداء في صورة واقع النصر؛ وذلك عندما اهتمت بالفئات السنية بعيدا عن الإعلام والضغوط الجماهيرية المحرقة، طلائع هذا العمل وصلت للفريق الأول ممثلة في إبراهيم غالب وعبدالعزيز هوساوي وعبدالله العنزي وناصر السبيعي وسيلحق بهم مجموعة من اللاعبين المؤسسين تأسيسا فنيا سيحدث نقلة نوعية في الأداء النصراوي، ولعل من حسن حظ النصراويين أن إدارة الأمير فيصل بن تركي كانت مشاركة في هذا العمل من خلال الرئيس، إضافة إلى أن هذه الإدارة استقطبت لاعبين صغارا في السن كالسهلاوي والزيلعي وسعود حمود.. هذه البشائر المستقبلية التي تحمل الحلول المنتظرة بحاجة إلى أن يتعامل معها النصراويون بعقلانية، وأن يجنبوها الاستعجال المحرق والبطء المعيق، أي أنها بحاجة إلى توازنات تهيئ لها مناخا يتيح لها تقديم نفسها لتحمل أمنيات مدرج الشمس إلى مناطق الأحلام الجميلة، ولعل أولى ما تحتاج إليه هذه البشائر أن تؤمن الإدارة الحالية ومعها جماهير الشمس بقدرات هؤلاء اللاعبين، وألا يعودوا لخلط الأوراق مرة أخرى مع أهمية أن يكون مدرب الفريق من المدربين القادرين على صناعة جيل آخر يختلف كليا عن المدربين العابرين.. الواقع التدريبي في النصر الآن والممثل في السيد ديسلفا يبدو أنه من نوعية المدربين الذين يؤمنون بفكرة صناعة الأجيال؛ لذا يجب أن يبقى على رأس الجهاز التدريبي لموسمين على الأقل، على الرغم من عدم رضا الكثير من النصراويين عن عمله، ولكنه المدرب الوحيد الذي امتلك شجاعة التغيير من خلال دفعه لمجموعة من اللاعبين الشباب في قائمة الفريق الأول.. معالم الطريق أصبحت واضحة الآن للنصراويين الذين يعرفون واقع فريقهم ويتعاملون معه بعقلانية، ولكن يجب أن يدرك هؤلاء الواقعيون أن هناك قوى ضاغطة في المسار القديم، أي مسار الأحلام المنفلتة والإطاحات المتتابعة، وبعض هذه القوى ليست نزيهة النوايا بل إنها تحمل أجندة مبنية على تتابع الفشل الضاغط باتجاه المسار الخاص، ويجب ألا تمنح هذه الفئة أية فرصة في تحويل النصر إلى ذلك المسار المحاط بالحسابات الخاصة. النصر مقبل على تغير نوعي قد لا يتخيله الكثير من عشاق النصر، ولكنه بحاجة لموسم أو موسمين حتى يتبلور في الميدان، إلى نصر لا يقهر، و لكنه هذا النصر القادم من البعيد قد يضل الطريق إن تغيرت معالم الطريق الذي اتضحت معالمه في هذا الموسم، فهل يصل النصر المنتظر أم يذهب في طريق آخر؟ الإجابة عن هذا السؤال تحددها سياسة النصراويين مع واقعهم الذي يحمل الكثير من مؤشرات الخلاص.