يعد موسم الحج فرصة كبيرة لشباب مكةالمكرمة، فهم يحاولون استغلاله في المفيد والنافع من خلال تقديم خدمات لضيوف الرحمن، أو عن طريق البيع، وفي شوارع وطرقات مكةالمكرمة تجد كثيرا منهم يبيعون ويخدمون، والابتسامات لا تفارق شفاههم. وفي إحدى الطرقات سيلفت انتباهك بلا شك شاب يتحرك بجسمه الصغير، ويفكر بعقله الكبير، تراه يحمل البضائع من هنا إلى هناك وهو ينادي على بضاعته في جموع الحجيج، لم يعقه صغر السن عن العمل الموسمي ومساعدة أهله في بسطته الصغيرة لبيع التمور.. إنه علي الشهري، ابن الثامنة، يقول: “أعمل هنا وأساعد أهلي وإخواني، وأتعلم كل يوم شيئا جديدا”، وحين سألناه عن المشاكل التي قد يواجهها، ضحك وقال: “بعضهم حين يروني أحمل البضاعة من هنا إلى هناك، يظنون أنني زبون لدى البسطة، ولا يتيقنون أني البائع حتى أخبرهم بالسعر، وحينها أرى الدهشة الحقيقية على وجوههم، حتى إن بعضهم يقوم بنفسه بجلب ما يريده؛ رغبة منه في عدم التكليف علي”. أما الشاب ساري العتيبي، فقد صادفناه أمام بسطته الصغيرة التي يبيع فيها الشاي والحليب؛ حيث قال: “موسم الحج، وكما يعلم الجميع، موسم ذهبي للعمل في مكةالمكرمة، فالوضع الاقتصادي المنتعش يدفع الجميع إلى العمل بجد واجتهاد، وهي فرصة حقيقية يجب ألا تفوت على شباب مكة، وقديما كان أجدادنا يتركون أعمالهم الأساسية ويتجهون للعمل مع الحجيج، سواء في البيع والشراء، أو في تقديم الخدمات الأخرى”. وعن الصعوبات التي قد يواجهونها أثناء عملهم، قال ساري: إنه لا يواجه أي مشكلة بتاتا، سوى بعض الأمور البسيطة التي لا تؤثر، مثل كثرة تزاحم الحجاج أمام البسطة، خاصة وأن المساحة صغيرة، وشدد على ضرورة إكرام الحجاج والصبر عليهم، “فهم لا يعرفون تقاليد البلد ولغتنا، وهم ضيوف الرحمن، وضيوفنا، لذا ينبغي بلا شك أن نحسن رفادتهم وضيافتهم، وأن نقدم لهم كل ما نستطيع، وإن كان أبسط شيء نقدمه لهم هو الابتسامة في وجوههم، لإشعارهم بالأمان والمحبة، فهم ينظرون إلينا على أننا أهل هذا البلد الحرام، لذا فنحن لنا منزلة كبيرة لديهم”. ويقول صالح محمد، 20 سنة، التقيناه في محل صغير لبيع الخردوات والهدايا: “العمل في الحج فرصة كبيرة لا تعوض أبدا، ففيه من المكاسب والأرباح الشيء الكثير”، وأكد ضرورة بحث الشباب عن العمل الموسمي “فهو فرصة لهم لإثبات جدارتهم وتحقيق أهداف عديدة، سواء في جني الأرباح أو في الاحتكاك بالحضارات الأخرى التي تفد إلينا من بلدان مختلفة، فهذا له لهجة مغايرة للآخر، وذاك لديه من التقاليد والطباع ما هو غريب علينا، والبائع منا يكتسب الكثير ويرى الأكثر من هذا وذاك”. ونفى صالح وجود أي زيادة في الأسعار، وقال: “هذا يعد غشا لا يرضاه أحد، فالأسعار ثابتة طيلة أيام العام، سواء في الحج أو في غيره، بالإضافة إلى أن الجولات الرقابية المكثفة التي تقوم بها الجهات الرقابية تمنع مثل هذا العمل الذي قد يقوم به بعض ضعاف النفوس من الباعة وأصحاب المحال، من حيث زيادة الأسعار” مؤكدا في الوقت ذاته أن الفرصة التي تعرض لشباب مكة خصوصا في موسم الحج، ذهبية، ينبغي عليهم عدم التفريط فيها أو تضييعها، “فهي فرصة لكسب العيش، وقبل ذلك خدمة ضيوف الرحمن الذين وفدوا ضيوفا علينا، وينبغي أن نخدمهم خير خدمة، فهدفنا في الحج كلنا واحد، وشعارنا الذي نفخر به هو أن خدمة الحاج شرف لنا، وهو شرف لا يضاهيه شرف”.