لم تجد سعيدة مفرا من التسول أمام المستشفيات الحكومية لتعف نفسها وتطعم طفلتها الصغيرة، بعد أن تخلى عنها زوجها ومن قبله والدها؛ الأمر الذي دفعها إلى محاولة الانتحار أكثر من 18 مرة للتخلص من حياتها التي وصفتها بالبائسة جدا. سعيدة، وهي في العقد الثاني من عمرها، كانت تحاول التسول بلطف عبر عرض خدماتها لزوار مستشفى الملك فهد لمرافقة مريضاتهم مقابل 50 ريالا، لكن لا أحد كان يكترث بها وهي تتنقل بينهم. فاستوقفتها “شمس” وسألتها عن قصتها؛ فطلبت الانتظار قليلا لعلها تظفر بأحد يقبل بعرضها. محاولات انتحار اسمها سعيدة.. لكن ما بين اسمها وواقعها بون شاسع.. قالت: “حاولت الانتحار أكثر من 18 مرة آخرها كانت في هذا المستشفى عندما ألقيت بنفسي من الطابق الثالث لعلي أرتاح من تعبي، لكن كانت النتيجة كسورا وحديدا يملأ جسدي ويزيد الأثقال علي أكثر مما كنت أحتمل”. وأضافت والدموع تهرب من عينيها: “لم أحس بالأمان وأنا في حضن أسرتي؛ فوالدي وأخي كانا يتحرشان بي.. أما أمي فلم أكن أراها كثيرا، فقد كانت كثيرة الخروج.. ولما يئس والدي مني زوجني لأحد الشباب، وكنت أظن أن معاناتي ستنتهي وأنني سأعيش في أمان مع زوجي، لكن يبدو أن الأمر كان مجرد أضغاث أحلام؛ فالزوج كان لا يعبأ بأي مسؤوليات، بل كان يطلب مني الحصول على مصروفي واحتياجاتي بطريقتي، وألا أطلب منه أي شيء.. وتدريجيا فقدت طعم الحياة، وبدا أن الموت هو وسيلتي للخلاص.. فحاولت الانتحار عدة مرات، بإلقاء نفسي من المباني وتناول بعض الأدوية وقطع شرايين اليد، لكن كلها لم تضع حدا لحياتي”. والغريب كما تقول إن زوجها استغل هذا الوضع بإجبارها على التسول من الإخصائيات الاجتماعيات والنفسيات اللاتي كن يشرفن على علاجها من التفكير في الانتحار. التخلص من الحمل وذكرت أن زوجها أجبرها على التخلص من حملها الأول، وحاول أيضا إسقاط الثاني لكنه فشل، فهربت من المنزل خوفا على حياتها وحياة جنينها، وعملت خادمة للحصول على السكن والمبيت والطعام، لكن صاحبة المنزل الذي كانت تعمل فيه سألتها عن سر بكائها فأخبرتها بالقصة، فخشيت أن تؤذيها فهربت مرة أخرى لكن هذه المرة إلى المراكز التجارية الكبرى، حيث تقضي معظم يومها داخلها أثناء ساعات الدوام، بينما تلجأ إلى المستوصفات الخاصة لقضاء ما تبقى من اليوم. وقالت إنها اتصلت بوالدة زوجها فعلمت منها أنه يتغيب لأيام كثيرة عن المنزل، وعندما يعود كان يأخذ بعض الأثاث ليبيعه. وأشارت إلى أنها قضت الشهرين الأخيرين من حملها في طوارئ مستشفى الملك فهد، حيث كانت تدعي المرض، حتى تجد الرعاية اللازمة، حتى وضعت طفلتها بمستشفى الملك عبدالعزيز. وذكرت أنها اتصلت بزوجها وأخبرته بولادتها؛ فوعدها بالحضور لكنه لم يأت، بل أغلق هاتفه. فأخبرتها أمه بأنه من الأفضل الابتعاد عنه فهو شخص غير مسؤول.. لكنها استطاعت مكالمته لاحقا عن طريقها، حيث أخبرها بأنه نسي الأمر، فطلبت منه الحضور لإكمال أوراق طفلتهما فلم يكترث للأمر، بل هددها بالتبيلغ عن هروبها وهو ما فعله لكن قبل أن تضع طفلتها. وذكرت سعيدة أنها تقيم الآن مع سيدة سعودية تعاطفت معها وهناك فاعل خير يتكفل بمستلزمات طفلتها، لكنها إن لم تخرج لسؤال الناس، فلن تستطيع أن تواجه قسوة الحياة.