يرى من ناحية أخرى بدر العبدالرزاق أن ضعف الوازع الديني قد يكون سببا رئيسيا للإسراف والتبذير، داعيا إلى صيانة النعمة والتذكير بأن هناك من لا يجد ما يسد رمقه، ومؤكدا أن هناك مبالغة كبيرة جدا في الإسراف بين أفراد المجتمع. وأوضح أن العادات الغذائية السيئة سبب رئيسي لتفشي الأمراض والسمنة المفرطة التي يعانيها أغلب المجتمع. ويضيف: المجتمعات القديمة محليا كانت تتمتع بوعي استهلاكي أكبر مما نحن عليه في الوقت الجاري؛ حيث كانت مكتفية بسبب عدم التبذير، مع أنهم يعانون الفقر . ويشير سامي السلمي إلى أن ظاهرة الإسراف عند المواطنين لم يتم علاجها بالشكل المطلوب. موضحا أن أسباب الإسراف كثيرة. متهما بعض العادات الاجتماعية بأنها وراء الإسراف الذي يشهد مبالغة فيه. ويضيف: لا ننسى الزواجات والمبالغة في المهور والولائم، وبعض الأسر تضع خمس ذبائح بالملكة، ومثلها بالشبكة، و20 ذبيحة في حفل الزواج، بينما المدعوون لا يتجاوزون 40 شخصا أو أقل! . وقال إن بعض القبائل التي حددت المهور ساعدت أفرادها في تحسين الوضع الاستهلاكي لهم. ويروي محمد الفهد قصة عن أحد أصدقائه؛ حيث كلفه بناء منزل قرابة 1.5 مليون، وكانت ديونه التي اقترضها من أجل البناء باهظة جدا، ورغم ذلك فإنه عند نهاية المنزل كان مضطرا لوضع حفلة (نزالة) كلفته نحو 30 ألفا، كان يمكن أن يستغلها من أجل منزله الجديد، ولكن الاعتبارات الاجتماعية دفعته إلى القيام بذلك، وتحمَّل هذه الخسارة غير الضرورية، في وقت يشهد فيه وضعه المادي سوءا بالغا. فيما يرى عبدالله الأحمد أن الإسراف هو الاستهانة بالنعم ومن ثم رميها في النفايات؛ ما يوسع الفجوة بين الطبقات الاجتماعية؛ فالفقير الذي يرى إسراف الأثرياء سيظل حانقا عليهم؛ كونه لا يجد قوت يومه، بينهما هم يلقون أطنان الأغذية في النفايات . ويضرب مثالا بالأسر القديمة كيف كانوا لا يجدون ما يسدون جوعهم، ولكنهم مع ذلك يصونون نعمة خالقهم، بعكس غالبية مجتمعنا الحالي . واستغرب سكوت أهل العلم وعدم إنكار المنكر وإيصاله مع بيان خطورته لولاة الأمر في البلاد. وبدورها تعتقد هند عبدالرحمن أن الأسعار اختلفت كثيرا، فلو كانت المسألة حسابا بالقيمة فالسعر لم يكن بهذه الصورة؛ ففي عام 2006 كان سعر كيس الأرز ب150 ريالا، وفي عام 2009 أصبح سعره أكثر من 300 ريال، ولا يمكن أن تحسب هذه الزيادة بوصفها ناجمة عن عدم الوعي الاستهلاكي؛ بل هي نتيجة لغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار . فيما ترى نورة سالم أن كثرة المادة غير المستحقة في يد الشخص تؤدي إلى إسرافه وتلعب دورا في عدم الإحساس بالمسؤولية، وأحيانا التقليد الأعمى الذي تفشى في المجتمع وكثرة التجارب. وتضيف: كثير من البضائع الاستهلاكية التي تؤخذ للبيت والأسرة هي كماليات وليست ضروريات . وتابعت: بعض العادات الغذائية السيئة غير المفيدة تؤدي إلى السمنة المفرطة والضرر بصحة الإنسان . فيما قالت هيفاء سعد (مشرفة اجتماعية) أن أغلب المنازل اتجهت إلى الوجبات السريعة بسبب الوقت أولا؛ فالوقت سريع، والساعة سريعة، والأكل سريع.. وهي تعتمد على وجبة واحدة في اليوم، والباقي وجبات سريعة، وفي نهاية الأسبوع تكثر الاجتماعات والولائم. وترى أيضا وجود مبالغة كبيرة في المشتريات التي تكون فوق طاقتهم. وتقول: إن ذلك ليس له علاقة بالسمنة كثيرا؛ هم يشترون أشياء لا يستفيدون منها .