لا تزال فكرة رفع سعر التبغ للحد من مدخنيه، قائمة وسارية المفعول، على الرغم من الشكوك التي تحوم حول مدى فاعليتها في الحد من مستهلكي التبغ. فعلى الرغم من الزيادات المتتالية في الأسعار خلال السنوات العشر الأخيرة، إلا أن أعداد المدخنين في ازدياد لا في نقص، ما يعني أن رفع الأسعار لا يعود بنتيجة. وخلال هذا الأسبوع، فوجئ مستهلكو التبغ الذين تقدّر أعدادهم محليا بستة ملايين، بزيادة في السعر بنسبة 16.6 % من السعر الأصلي الذي كان قائما منذ عدة سنوات. وسجّل محرك البحث Google أكثر من 38000 نتيجة بحث محلية عن سبب ارتفاع أسعار التبغ في اليومين الماضيين فقط. مَن المستفيد؟ يرى المدخنون، وهم لا يرتبطون بطبقة اقتصادية معينة، بل يتوزعون على الطبقات الثلاث، أن قرارات رفع أسعار التبغ لن تعود بالفائدة من حيث الحد من الاستهلاك، ورأى بعضهم أن الزيادة من نصيب الشركات المنتجة وهي على أي حال شركات أجنبية غير محلية، غير أن آخرين يرون أن الفائدة لا تصل حتى للشركات المنتجة، بل هي محصورة على الجهات التي تفرض الضرائب على منتجات التبغ. فالشركات المنتجة تورّد منتجاتها بالسعر ذاته بل ربما تخفض من السعر الأصلي للزيادة البالغة في الضريبة المضافة التي تصل في منتجات التبغ إلى 200 في المئة. بحيث تبيع الشركة منتجها للمستورد المحلي، فيدفع هذا المستورد ضعفي ثمن الشراء مرة أخرى كضريبة، قبل أن يحدد السعر الذي يحقق الربح له من خلال رفع السعر على المستهلك النهائي. فعلى افتراض أن سعر علبة الدخان الأصلي هو 1.5 ريال، فإن المستورد يدفع 1.5 للعلبة وثلاثة ريالات للجمارك، أي بمجموع 4.5 ريال. ثم يبيع العلبة بستة ريالات، ليكون مقدار ربحه 1.5 ريال، يتقاسمه مع الموزعين الفرعيين ونقاط البيع المباشرة. ومن هنا يمكن التأكيد أن رفع السعر لا ينعكس بالفائدة إلا على الجمارك. عادة قديمة لا يمحوها ريال وفي أحاديث أجرتها “شمس”، مع عدد من المواطنين من المدخنين وغيرهم، اتضح أن الامتعاض من الزيادة هو الشعور السائد بين المدخنين على وجه الخصوص، من هذا الإجراء الاقتصادي. ويقول حسين الشمري إنه يدخن منذ سنوات كثيرة، ومن ثم فليس من المتوقع أن يتخلى عن هذه العادة خلال يوم لمجرد زيادة السعر، مشيرا إلى أنه قد يتوقف حينما يجد من يساعده على اتخاذ قرار مثل هذا دون “ليّ ذراع” بحسب تعبيره أو إجبار من خلال زيادة السعر أو سوى ذلك من إجراءات يصفها ب “السلبية”. الزيادة تستهدف الصغار ولا يوافقه على ذلك حمد الليفي، الذي يرى أن رفع السعر يستهدف الصغار والمراهقين وليس البالغين، فمن وجهة نظره أن الطفل لا يتمكن من شراء علبة التبغ ما دام سعرها أضعاف مصروفه اليومي، فيما سيشتريها في حال كانت أسعارها متدنية، لمجرد ثمنها البخس. أما البالغون بحسب الليفي فعليهم أن يتحملوا مسؤولية هذه العادة ماديا واقتصاديا. لا فائدة مباشرة ومن جانب آخر، يشير عبيد سالم العرامي إلى وجوب ذهاب الضريبة المفروضة على التبغ، إلى المؤسسات الصحية التي تعالج المدخنين، وبذلك يمكن أن يكون في التبغ الداء والدواء. أما في الوضع الحالي حيث تعود مبالغ الضرائب إلى الجهات الجمركية، فإنه من غير المتوقع بالنسبة للعرامي أن تحدث زيادات الأسعار تأثيرا في الحالة العامة للمدخنين من حيث كمية استهلاكهم.