لقد اقتنصتها عروس أمريكا الجنوبية وكبرى دولها وفازت بحق تنظيم أولمبياد 2016، بعد أن أقصت الأمريكان بعدتهم وعتادهم يتقدمهم الرئيس أوباما ومعه فريق يضم مشاهير وخبراء في هذا المجال، وذلك في أول جولة وسط ذهول العالم بمن فيهم منافسوهم. وفي جولة التصويت الثانية خرج شياطين الصناعة أبناء الساموراي لتخرج طوكيو من المنافسة، فبقي في الجولة الثالثة أبناء الأندلس وفرسان الأمازون، فكان أن فاز بشرف التنظيم الفرسان أبناء السامبا لتحظى ريو دي جانيرو عاصمة البرازيل الاقتصادية بهذا الشرف لأول مرة ليس للبرازيل فقط ولكن لأمريكا الجنوبية بأسرها. لقد خاطب الرئيس البرازيلي اللجنة الأولمبية في كوبنهاجن بعفوية ومشاعر حميمية صادقة قائلا (أعطونا الفرصة ولن نخيب ظنكم.. دعوا الأولمبياد تخرج إلى حدود وآفاق أرحب)، لأنه لم يسبق أن نظمت الأولمبياد في أمريكا الجنوبية قط. هذا الرئيس (على الرغم من أنه أمي) لم يتمالك نفسه فانهمرت دموعه بعد إعلان فوز بلاده بشرف التنظيم وقال (لم أستطع البكاء خلال تقديم العرض، إنها أكثر الأيام إثارة وتأثيرا في حياتي، لقد تعلمنا من أخطاء الماضي!! ظلوا يعرضون منظر وصول طائرة الرئيس وكأنهم يريدوننا أن نخاف ونفقد الأمل بالفوز). إن فوز عروس أمريكا الجنوبية بالتنظيم لم يأت عبثا، فهي عاشر دولة في العالم من حيث الدخل، وناتجها المحلي يوازي ناتج الدول العربية مجتمعة. لقد أصبحت تزاحم الدول الصناعية وفرضت احترامها وسمعتها، حتى إنها دخلت نادي الدول الفضائية بأقمارها الصناعية ودخولها في تأسيس محطة الفضاء الدولية. ويرجع اكتشاف البرازيل إلى عام 1500 على يد البحار البرتغالي بيدرو كابرال، فتدفق البرتغاليون عليها، ثم أخذوا بجلب الرقيق من إفريقيا حتى إلغاء الرق عام 1888، وأول عاصمة لها هي باهيا، ثم انتقلت العاصمة إلى ريو دي جانيرو، فاستقرت أخيرا في برازيليا عاصمتها الحالية. لديها ثروة نباتية ضخمة؛ إذ بها غابات الأمازون أكبر مصدر للمطاط في العالم، إضافة إلى الأخشاب والنباتات التي تدخل في صناعات ضخمة، وثروتها الحيوانية، إضافة إلى صناعاتها التي وصلت إلى الطائرات. فكيف لا تفوز دولة بهذه الحيوية والفتوة بتنظيم أكبر مسابقة رياضية شاملة، هذا فضلا عن أن شعبها ودود وحيوي ومنفتح على الآخرين، بدليل الهجرات من دول وشعوب عديدة إليها ومنهم العرب خصوصا فلسطين ولبنان وسورية منذ بدايات القرن العشرين، حتى وصل العديد منهم إلى مناصب رفيعة في الدولة. (لقد استفدنا من أخطائنا في مسابقة التنظيم الماضية) عبارة الرئيس البرازيلي صاحب الكاريزما المبهرة.. ليت كل من هو في موقع المسؤولية أن يتأملها، كما يتأمل دموع الفرح والإخلاص في عيني (الجوهرة السوداء) بيليه.. ولكم التحية.