من جديد، يعود جدل جهاز البصمة الذي تستخدمه عدة قطاعات أهلية وحكومية لضبط دوام موظفيها، إلى الظهور مجددا. هذه المرة يأتي الجدل متزامنا مع انتشار وباء إنفلونزا الخنازير الذي يتخوف كثير من الموظفين أن يكون جهاز البصمة واحدا من العوامل المسببة لانتقال العدوى بالمرض، في ظل التحذيرات التي ظهرت أخيرا حول إمكانية انتقال العدوى عن طريق الجهاز. ويعمد كثير من القطاعات الأهلية والحكومية إلى استخدام الجهاز، بهدف التدقيق في انتظام دوام الموظفين، غير أن عددا منها آثر الاستغناء عنه والعودة إلى الوسائل التقليدية (الكارت). أبرز هذه القطاعات كان الغرفة التجارية الصناعية بالرياض التي أحالت مسألة تدقيق الدوام إلى مديري الإدارات. اختلاف طبي أثناء حديثهما مع “شمس” اختلف طبيبان حول دقة التحذيرات التي ربطت انتقال عدوى (الخنازير) بجهاز البصمة؛ إذ يؤكد الدكتور عدنان البار الاستشاري في كلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز أن هذا الجهاز: “ليست له أضرار”، مضيفا: “ما يشاع حول خطورته ليس صحيحا؛ فهي أداة لا تتوافر فيها شروط نقل الأمراض”. فيما شدد الدكتور علي البراك اختصاصي الطب الوقائي على: “ضرورة استخدام المعقمات بين موظف وآخر عند إجراء البصمة؛ حتى تتلاشى أي أسباب ممكنة لنقل المرض؛ إذ إن الأيادي تتوافر أحيانا على رذاذ التنفس، ومن دون استخدام المعقمات؛ فهذا الجهاز نوع خطير. وهذه المنظفات تستخدم لتنظيف موقع البصمة في الجهاز لكي تزيل أي تلوثات موجودة فيه”. وذهب الدكتور عبدالرحمن القحطاني مدير إدارة التوعية الصحية في المديرية العامة للشؤون العامة الصحية إلى ما شدد عليه الدكتور البراك، مقترحا: “وضع معقمات إلى جانب الجهاز حيث يعقم الموظف يده قبل استخدامه، كما هو معمول به في المستشفيات”. ويضيف: “هذا الجهاز مثل مقبض الباب وغيره من الأشياء التي تستدعي اللمس. ومن ثم قد يصبح مضرا في حال سوء الاستخدام”. وحول دور وزارة الصحة في إلزام القطاعات بتوفير هذه المعقمات، اعتبر أن هذه المسألة متعلقة باللجنة العلمية في وزارة الصحة التي يترأسها الدكتور زياد الميمش الذي رفض بدوره الحديث حول هذا الموضوع مع “شمس”، وأحال الأمر إلى الدكتور خالد مرغلاني المتحدث الرسمي باسم الوزارة، الذي لم يرد هو الآخر على اتصالات الصحيفة يومين متتاليين. ونصح القحطاني الجهات التي تستخدم البصمة بتوفير هذه المعقمات “خصوصا أنها غير مكلفة وتؤدي دورا مهما في الوقاية من الأمراض”. أمان.. وشائعات في جانب آخر، يبدو أن كثيرا من الموظفين لم يلقوا بالا للتحذيرات المتعلقة بجهاز البصمة، أحدهم واسمه محمد يوسف (موظف في وزارة الصحة) أوضح أنه تم تطبيق هذا النظام منذ فترة قريبة في إدارته؛ ومن ثم تردد خلال الفترة الحالية أنه تمت إزالته بسبب احتمال تسببه بنقل إنفلونزا الخنازير، غير أنه لم يتأكد بعد من هذه المعلومة (الاستغناء عن البصمة) كونه يتمتع بإجازته السنوية. لكنه استدرك: “هذا الجهاز لا يعني لي شيئا، ولا أعتقد أنه سبب في نقل المرض”. يوافقه الرأي طارق العنزي (موظف في إحدى الشركات)؛ إذ مع أنه يصر على وصف هذا الجهاز ب(المعقد)، إلا أنه لا يرى وجه ارتباط بينه وبين نقل الأمراض: “من المستحيل أن يكون مضرا صحيا، وليس من المعقول أن تحضر الشركات لنا ما يهدد حياتنا، وهذه مجرد شائعات مثل الشائعات التي راجت حول أبراج الجوال، وأنها تصيب بالسرطان”. ليست مؤثرة في السياق ذاته، أكد عبدالله عبدالجبار مدير العلاقات العامة في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، أن إدارته لم تطبق نظام البصمة إلا بعدما تم التأكد من عدم تسببه بأي أضرار عبر الاطلاع على دراسات صحية أجرتها جهات مختصة. وأشار في حديث مع “شمس” إلى أنه لو اضطرت المؤسسة إلى إلغاء العمل بالجهاز، فإن حضور الموظفين “لن يتأثر، كون هذا النظام لم يدخل إلا حديثا”. ويستشهد بالقول: “كيف تكون له أضرار صحية رغم أن كثيرا من المستشفيات تستخدمه في ضبط دوام موظفيها؟!”. يذكر أن جدلا كبيرا كان قد صاحب ظهور جهاز البصمة من جراء عدم فسحه من هيئة المواصفات والمقاييس؛ بسبب مخالفته للاشتراطات، إلا أن الهيئة أجازته في الفترة الأخيرة.