آثار معاناة وندوب جروح عمرها ست سنوات مضت، وعمر مجهول مقبل، وكأنها للحظات قد نسيت آلام السنين وخوف الليالي، وتذكرت أنها مستقبل فتاة يلفها الحياء بمعطفه لتكتسي وجنتاها بجمرة دموع الخجل، وهي تكشف لنا عن ندوبها وجراحها التي حرمتها من طفولتها، وخنقت فرحة والديها بها، اللذين تركا نجران واستقرا بالشرقية من أجل متابعة علاجها. استنزاف الوقت منذ ولادتها والطفلة (بيان) تعاني فشلا كلويا، وكأن القدر جعل والديها في اختبار صعب لمعاني الصبر، فعلى مدى ست سنوات يراجعان معها مستشفى الشميسي بالرياض لإجراء الفحوص اللازمة وإجراء عملية قسطرة، ومن ثم الانتقال إلى الدمام لإكمال مراحل الغسيل الكلوي، بمعدل ثلاثة أيام في الأسبوع، ومتابعة جلسات العلاج الطبيعي باقي الأيام بمستشفى القطيف المركزي. علي راشد الحارثي، والد بيان، لم يدع بابا إلا طرقه، ولا وسيلة إلا اتبعها من دون جدوى، لعله يجد علاجا ناجعا لابنته، لكنه على الرغم من ذلك لم ييأس من رحمة الله؛ ليلهمه الصبر ويفتح في وجهه أبوابا قد غلقت، ويجعل الفرج قريبا غير بعيد. أبو بيان حكى ل “شمس” بعض معاناته فقال: “قدمت استقالتي من وظيفتي منذ سنتين، وكنت أعمل في إحدى الشركات الخاصة بنجران، فأصبحت عاطلا عن العمل، لتوفير الوقت لمتابعة علاج طفلتي، فبعد الانتهاء من عملية القسطرة بمستشفى الشميسي، ولعدم توفر مراكز متخصصة للغسيل في منطقة نجران وما جاورها، طلبوا مني الاختيار؛ إما البقاء في مدينة الرياض أو الانتقال إلى الدمام لقربها من القليل من أقاربنا”. همان ثقيلان وتابع: “يمزقني همان.. هم طفلتي المعذبة، وهم باقي أفراد عائلتي، فأنا أعول خمسة من الأولاد غير بيان، وزوجتي، وأمي الكبيرة في السن، وأختي الأرملة، وأنا أحاول العيش في كل يوم ولا أعلم ما الذي سيأتي غدا”. وأشار إلى أنه قد طرق باب كثير من الشركات الكبيرة في المنطقة الشرقية، محاولا إيجاد وظيفة تتناسب مع الظروف التي يعيشها، وبدوام يكون في فترة المساء حتى يستطيع متابعة مواعيد علاج طفلته اليومية.. ولكن دون جدوى. مضيفا أنه جرب العمل بنظام الساعات في عدد من المقاهي وبعض الوظائف المتدنية وبراتب لا يتجاوز 1500 ريال؛ ليجد نفسه في النهاية يستهلك كل الوقت وبلا فائدة، لينسحب في هدوء محاولا البحث عمن يساعده في توفير فرصة عمل مناسبة. وقال أبو بيان: “حتى الجمعيات الخيرية قطعت مساعدتها لنا التي لم تدم غير سنة؛ لتشتد علي الضائقة وأصبح في حيرة وبلا حيلة”. وتابع: “نحن في أمس الحاجة لأي حل ينقذ طفلتي، وبأسرع وقت ممكن.