عبر عقود من الزمان كان ولا يزال العيد مرتبطا ببعض الأعمال الغنائية التي تعبر عن فرحة العيد، لكن الملاحظ أن تلك الأعمال لم ينافسها أي عمل جديد، على الرغم من مرور أكثر من ربع قرن على انطلاقتها، وأصبحنا عندما نبحث عن أغنية للعيد لا بد أن نعود إلى الأرشيف؛ لأن الفنانين اليوم تجاهلوا الأغنية الاجتماعية المعبرة.. يأتي على قائمة تلك الأعمال التي ارتبطت في أذهان الجمهور بالعيد أغنية (كل عام وانتم بخير) للراحل طلال مداح و(من العايدين) لفنان العرب محمد عبده، وأغنية ثلاثي أضواء المسرح (أنوارك هلت) التي كانت تبث على التلفزيون السعودي إبان انطلاقته، ولا ينسى الجمهور أغنية الفنانة أم كلثوم (يا ليلة العيد) التي أعاد تقديمها الفنان علي عبدالكريم على القناة الأولى في بداية التسعينيات، هذه الأعمال لم ترتبط بزمن دون آخر، بل إن جميع القنوات الفضائية تبدأ في إطلاقها على شاشاتها تزامنا مع لحظة الإعلان عن العيد.. “شمس” طرحت سؤالها على عدد من المنتمين إلى الوسط الفني عن سر غياب أغاني العيد عن حناجر الفنانين، التي تعبر عن المناسبة بالإحساس والشعور كليهما اللذين أدياه فنانو الزمن الجميل.. همهم المادة في البداية تحدث الشاعر الغنائي سامي الجمعان، وقال: “عاطفة الشعراء جياشة وتستطيع أن تعبر عن عدد من المواقف الاجتماعية، وهناك نصوص كثيرة كتبت عن العيد، لكن الفنانين اليوم لا يريدون تلك الأعمال؛ لأنها غير مربحة لهم ماديا، وطغت أغاني الحب والحبيبة على أذواقهم”. الفن في انحدار في السياق نفس، تحدث الشاعر عبيد الدبيسي وحمَّل الفنانين السبب في إهمال هذا اللون الغنائي الذي يرتبط بأذهان الناس، وقال: “الساحة الفنية لم تعد تهتم بالأغنية التي ترتبط بالإنسان وحياته اليومية، وهنالك انحدار للأسف في الكلمة، وفي ذائقة اختيار الفنانين، ولا بد من العودة إلى هذه الأغاني؛ لأنها تحسب في رصيد الفنان وتصبح خالدة في يوم من الأيام”. تعكس واقعنا هذا، وقد ذكر الفنان محمد عبده في تصريح سابق، أن أغنية المناسبة لا بد أن ترتبط بحدث ما، سواء كان سعيدا أو تعيسا. ويضيف: “عندما نصف حياتنا بصورة جميلة من خلال أغنية ما مغايرة للواقع المر الذي نعيشه فإن ذلك العمل الفني مصيره الفشل، إذ لو كنت أصدرت (من العايدين) في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها المجتمع الآن لما كان لها أي تأثير”، مرجعا سبب نجاحها إلى الزمن الذي تغنّى بها فيه. وأضاف: “ينبغي أن يراعي المطرب مواكبة الحياة الاجتماعية في أغانيه المخصصة للمناسبات، خاصة أن القنوات الفضائية أصبحت تبث الغث والسمين”. العيب فينا الفنان إبراهيم الحكمي، ذكر، أن سبب اختلاف مستويات نجاح الأغاني المتعلقة بأحداث معينة إلى اختلاف الفنانين أنفسهم، ويقول: “هناك أغنيات قديمة يبقى أثرها في النفس للأبد، إلا أننا أصبحنا نتجه إلى الملحنين المبتدئين، الذين يعدون أيضا نجوما، غير أنه في الوقت ذاته يعتبر عيبنا كفنانين صاعدين، الذي يكمن في ابتعادنا عن الأسماء الكبيرة من الملحنين، وهي تمتلك خبرة للتعامل مع هذا اللون من الأغاني”. وأكد الحكمي، أن هنالك تقصيرا في البحث عن هذه الأغاني من الفنانين.