يخرج عدد من الفتيات من بيوتهن وقد ارتدين أجمل الحلل والملابس، وربما يعود ذلك لجهلهن بمعنى قوله تعالى: “يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد”. فهي تتعطر وتلبس أفضل ثيابها، وربما احتوى لباسها على محرم، كلبس البناطيل وغيرها، وفوق كل هذا فهي ترتدي عباءة مخصرة أو مزركشة، وكأنما هي ذاهبة إلى سوق، وليس إلى مسجد، ثم لا تسأل عن مشيتها وطريقة حديثها، المثيرة للفتنة، والعجيب أن هؤلاء الفتيات يخرجن من بيوتهن إلى المسجد، خاصة وأن النصوص الشرعية تؤيد تركهن يذهبن إلى المسجد، من ناحية عدم المنع، فالنبي صلى الله عليه وسلم، قال: “لا تمنعوا إماء الله مساجد الله”. كما أخبر عليه الصلاة والسلام أن صلاة المرأة في بيتها أفضل، فالإسلام أعطاها خيار الذهاب إلى المسجد، لكن بشرط مراعاة الآداب العامة، وعدم تعريض نفسها وغيرها للفتنة. الآباء مسؤولون في البداية حمل الشيخ إبراهيم الحارثي، خطيب جامع السديس بجدة، أئمة المساجد في صلاة التراويح، توجيه النساء اللاتي يخرجن لصلاة التراويح متبرجات، وقال: “توجيه النساء المتبرجات يكون لازما لأئمة المساجد بين فترة وأخرى، لما يحصل من مجاهرة بالمعصية في مثل هذه الأماكن”. وأكد الحارثي أن النساء اللاتي يحضرن لصلاة التراويح عندهن وازع ديني، لذلك حضرن للمساجد من أجل إقامة الصلاة وقراءة القرآن، واستغلال هذه الأوقات فيما يعود عليهن بالأجر، واستدرك الحارثي قائلا: “ما يجعل النساء يرتدين عباءاتهن بهذا الشكل هو طبيعة الحياة التي يعيشونها بين أهليهن وأقاربهن، وهي لا ترى في ذلك ضررا؛ لاعتيادها على ذلك، أو أنها قد سمعت فتوى من أحد العلماء تفيد بإباحة ذلك، أو جهلا منها بالحرمة”. ورأى الحارثي أن وجود النساء المتبرجات في المساجد ليس كثيفا، مشددا على الشباب الذين يبالغون في هذه القضية، ويجعلون منها وسيلة لتبرير ارتكاب المعاصي. ويضيف: “مادام الشاب سيذهب إلى هذا المسجد أو ذاك من أجل الصلاة، فهذا همه، لكن أن يلتفت إلى هذه المرأة أو تلك، ثم يقول: هذه المرأة ستجرح عبادتي، وتفسد عليّ رمضاني، فهذا من الخطأ”. وأوضح الشيخ الحارثي أن المرأة المتبرجة التي تخرج إلى السوق أو المسجد أو غيره، تكون آثمة، سواء كان في رمضان أو غير رمضان، ويقول: “إذا صلت المرأة فإن شاء الله تكون صلاتها مقبولة، وإذا دعت فكذلك أيضا، لكن كونها متبرجة عند المسجد أو خارج المسجد، فلا شك أنها آثمة؛ لأنها تخالف النص الشرعي الذي يحرم ذلك”. فتنة المرأة أكد الشيخ محمد السلطان، عضو الدعوة سابقا، أن المرأة إذا خرجت من بيتها، فهي ليست بحاجةإلى الزينة؛ لأن الشيطان سوف يُزيّنها في عيون الناس، ولذا قال عليه الصلاة و السلام فيما رواه ابن مسعود رضي الله عنه: “المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان”. رواه الترمذي وغيره. ( حديث رقم 6690 في صحيح الجامع). وقال ابن مسعود: المرأة عورة، وأقرب ما تكون من ربها إذا كانت في قعر بيتها، فإذا خرجت استشرفها الشيطان. ومعنى استشرفها؛ أي زينها في نظر الرجال، وقيل: نظر إليها ليغويها ويغوي بها، ويرفع أبصار الرجال إليها فلا يزال يُحسّنها في عيونهم، ولو لم تكن كذلك. ورفض الشيخ السلطان أن تخرج الفتيات والنساء إلى صلاة التراويح وهن متبرجات، وقال: “من باب أولى بقاؤهن في بيوتهن، فهن من أجل الأجر، يحصلن على الوزر، ثم إن من النساء من إذا أرادت أن تخرج تعطرت، وهذا لا شك إثم عظيم وتساهل خطير، وكان النبي صلى الله عليه وسلم نهى من شهدت الصلاة أن تمس طيبا أو بخورا؛ فعن بشر بن سعد عن زينب امرأة عبدالله بن مسعود رضي الله عنهم، قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا”. رواه مسلم. مع أن الله أمر بأخذ الزينة للمساجد، فكيف بمن تذهب لمكان هو من أعظم مواضع الفتنة، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعطرت أن تغتسل؛ فعن عبيد مولى أبي رهم؛ قال: خرجت مع أبي هريرة من المسجد، فرأى امرأة تنضخ طيبا، لذيلها إعصار، قال: يا أمة الجبار من المسجد جئت؟ قالت: نعم. قال: وله تطيبت؟ قالت: نعم. قال: فارجعي فإني سمعت أبا القاسم يقول: “لا يقبل الله لامرأة صلاة تطيبت للمسجد، أو لهذا المسجد، حتى تغتسل غسلها من الجنابة”. (حديث رقم 7385 في صحيح الجامع ). وقد ورد التشديد في الطيب للنساء، فعن أبي موسى الأشعري قال: قال عليه الصلاة والسلام: “أيما امرأة استعطرت فمرّت بقوم ليجدوا ريحها فهي زانية”. رواه الإمام أحمد وغيره. (حديث رقم 2701 في صحيح الجامع). وذلك لما تُحرّكه من شهوة في الرجال برائحة ذلك الطيب.