.. لم يكن سيد الخلق عليه أفضل الصلاة وأكمل التسليم.. يمثّل أعظم شخصيات التاريخ لدى المسلمين فقط.. فهو كذلك وفوق ذلك.. لكن جموعا كثيرة من كبار المفكرين.. والأدباء.. والكتاب.. والعباقرة.. من ديانات مختلفة.. كتبوا عن النبي (محمد) ربما بأكثر مما كتب عنه في المكتبة الإسلامية.. نستعرض هنا بشكل يومي أهم وأبرز ما كُتِب عن شخصية الرسول العظيم.. عبْر عرض موجز لهذه الكتب.. ونقدم اليوم الكاتب جورج برنارد شو الذي أَّلف كتابه (محمد أعظم البشر). تُرَى.. كيف يستدلّ الناس على الحقيقة في هذه الدنيا؟ أليس الناس يحتكِمون إلى شهادة الشهود وبخاصة العقلاء، لإثبات واقعة من الوقائع، أو لاكتشاف حقيقة أمر من الأمور، أو لاعتماد الحق والعدل في قضية ما؟! فإذا أردنا إثبات عظمة الإسلام وعالمية رسالته، وصِدق نبيّه وعلوّ مكانته، فلا يسعنا إلا أن ندلّل على ذلك بشهادة عظماء العالم وعباقرته المنصفِين من مختلف الأجناس والمذاهب، لنرى ما توصلوا إليه وما اتفقوا عليه في شأن الإسلام ونبيّه. فهل يا تُرَى، إذا أجمع عباقرة العالم من الفلاسفة والمؤرخين والمفكرين والعلماء والأدباء.. واتفقوا جميعا على عظمة نبيّ الإسلام وفضله على الدنيا، وما قدّمه إلى الإنسانية من عطاء في مختلف الميادين، فهل نحترم رأيهم، ونصدّق كلامهم، ونضم أصواتنا إلى أصواتهم؟ أعظم البشر ها هي شهادة أديب وفيلسوف إيرلندا جورج برنارد شو (1856 1950)، الذي اطلع على الإسلام فكرا وعقيدة وشريعة، وفهِم القرآن الكريم فهما صحيحا؛ ما جعله يعلن حقيقة الإسلام الكبرى، وسجّل رأيه بشجاعة في كتابه (مُحمّد)، الذي أحرقته السلطات البريطانية، حيث قال: “وأعتقد أن رجلا كمُحَمَّد لو تسلَّم زمام الحكم في العالم بأجمعه اليوم لتمَّ النجاحُ في حُكْمِهِ، ولقاد العالم إلى الخير، وحَلَّ مشكلاته على وجه يحقّق للعالم كله السلام، والسعادة المنشودة”. ثم بشّر بانتشار الإسلام وعلوّه على غيره من الأديان، فقال: “إن أوروبا الآن ابتدأت تحس بحكمة مُحمّد، وبدأت تعيش دينه، وإن كثيرين من الأوروبيين الآخرين يُقدِّسُون تعاليمَ الإسلام.. وإنَّ بوادرَ العصرِ الإسلاميِّ الأوروبيِّ قريبةٌ لا محالةَ فلا يمضي مئة عام حتى تكون أوروبا، ولا سيما إنجلترا، قد أيقنت بملاءمة الإسلام للحضارة الصحيحة”. “برنارد شو” ينتمي إلى أسرة بروتستانتية، لكنه هجر الكنسية وعزف عن ممارسة الطقوس التى تقام فيها؛ لأنه كان يرى أن الناس يجتمعون في الكنيسة من باب حب الاستطلاع فقط، لا ليستمعوا إلى الوعظ الديني، وهذا الموقف يكشف لماذا سلك برنارد شو حياة النضال والمعارضة، وهو ما فعله في قصصه ومقالاته ورواياته، حيث كان يسخر من الشكليات التي يحسب الناس أنها دين، وما هي من الدين. المثل الأعلى أمّا المثل الأعلى للشخصية الدينية عنده فهو مُحمّد صلى الله عليه وسلم، فهو يتمثل في النبيّ العربي تلك الحماسة الدينية وذلك الجهاد في سبيل التحرر من السلطة، وهو يرى أن أبرز ما في حياة النبيّ أنه لم يدّع سلطة دينية سخرها في مأرب ديني،