الجميع في وضع الاستعداد.. لانطلاق مارثون الحشو. التجار يحشون الأسواق بالبضاعة ليقوم المستهلك بتفريغها عن طريق تفريغ جيوبه من المال، والقائمون على مدفع رمضان يحشونه بالبارود ليسمعنا دويّه إيذانا بدخول رمضان.. والنساء تحشو الخضار وتعدها لوجبات الإفطار، والقنوات الفضائية تحشو مكتباتها بالمسلسلات والبرامج والمسابقات، ليحشوها مرة أخرى في رؤوس مشاهديها، ويحشو المشاهدون ما أخذوه من القناة في رؤوس وعقول زملائهم، وهكذا يستمر الحشو إلى نهاية رمضان. فنبدأ صيامنا مجبورين بالحشو وينتهي بالحشو. فالزوجة تحشو، والتاجر يحشو، والقنوات تحشو. والشغالة تحشو النعم الزائدة وتجمعها في أكياس بلاستيكية وترميها. ولو دققنا قليلا.. في هذا الحشو كيف يبدأ وكيف ينتهي .. فسنعرف أنه يبدأ بالتفريغ وينتهي بالفراغ.. كيف؟ أنا أقول لكم كيف؟ الزوجة إذا أرادت أن تحشو الكوسة مثلا.. تفرغها من محتواها أولا، ثم تحشو، أي أن الحشو لا ينفع إلا بالتفريغ. والتاجر يفرغ مستودعاته من البضاعة القديمة التي أوشك تاريخها أن ينتهي ونقوم نحن بحشوها في مستودعاتنا إلى أن تفرغ جيوبنا من الريالات. وبعض القنوات الفضائية يفرغون مسلسلاتها وبرامجها ويحشونها في رؤوسنا، وهكذا يستمر الحشو. أرجو من الإخوان المسؤولين في هذه النوعية من القنوات أن ينتبهوا للبضاعة المعروضة.. وينتبهوا إلى مدى صلاحيتها لهذا الشهر الكريم. وأن ينوعوا في بضاعتهم (ترا ملّينا) من بعض الأطباق المكررة والتي نأكلها كل سنة في رمضان.. ملينا من المكرونة بالدجاج.. وملينا من الشوربة، وملينا من الجلي. نحن راضون غصب عنّا بالحشو.. لكن على الأقل نريد هذه السنة حشوة جديدة.. ممكن ؟!