نحن في عصر يعيش متوسط الدخل فيه رفاهية لم يعشها سلاطين العصور الغابرة، فالإضاءة، والسيارة، والإنترنت، والجوال وغيرها من الاختراعات الحديثة تقدم خدمة لم يجدها أولئك الحكام حين تبوأوا عروشهم! ورغم ذلك افتقدنا متعة الألم! وأعني بمتعة الألم: الشيء الذي يفتقده من يؤتى إليه بالماء البارد من ثلاجة المطبخ وهو مستلقٍ على كرسيه الوثير في صالة قصره الفاخر، بينما يجدها من انقطعت به السبل عطشا في الصحراء وبعد مشارفة على الموت يأتي من ينقذه بشربة ماء، هناك رفاهية وهنا ألم، ولكن يبقى للألم متعة لا تضاهى!. ومتعة الألم يفتقدها اليوم المغترب الذي يتواصل مع أهله بوسائل الاتصالات المختلفة باستمرار، بينما يجدها في الماضي من عاد إلى ذويه بعد سنوات لا يعلم ما حل بهم بعده، ويفتقدها طالب لا يكلفه البحث عن المعلومة سوى (قوقلتها) في ثوانٍ، بينما يجدها قديما طالب يقرأ عشرات الكتب أياما من أجل الظفر بمعلومة واحدة. ترى أليس من الجميل أن ننقطع لأيام عما نستطيع من هذه الوسائل التي أصابتنا بالرفاهية المملة؛ لنستمتع بألم الحياة البسيطة؟! بالنسبة لي أجد رمضان فرصة سانحة؛ لألقي القنوات الفضائية، والإنترنت، والجوال العام خلف ظهري إلى يوم العيد!. عبدالعزيز الغراب