تتحرج أغلب الفتيات من ذكر بعض التفاصيل الخاصة بتلقيهن صورا إباحية على بريدهن الإلكتروني لأهلهن، الذي يمكن اعتباره مجازا صندوقا أسود يحوي خفايا وأسرارا لا يمكن لأحد كشفها؛ لتقف هنا الأمهات حائرات محاولات كسر حاجز الخوف والصمت، الذي يحول دون المصارحة التي يطالب بها الاختصاصيون الاجتماعيون، وذلك بعد تفاقم مخاطر الإنترنت على الأولاد. وتأتي حالات الابتزاز التي تتعرض لها الفتيات، والتي وصلت إلى 20 ألف حالة أخيرا، كأكبر دليل على خطورة هذه المشكلات، إلى جانب إدمان المراهقين المواقع الإباحية. “شمس” فتحت التحقيق في هذا الموضوع الشائك، واستطلعت آراء أولياء الأمور وعدد من الفتيات وذوي الاختصاص. يوتيوب تصدرت مواقع اليوتيوب والهوت ميل (المحادثة) والبلياردو من خلال أبرز المواقع التي تلاقي إقبالا واهتماما من قبل عدد من الفتيات اللاتي التقتهن “شمس”، واللاتي تجاوزن 20 فتاة تراوحت أعمارهن بين 11 و18 سنة، إلى جانب ذلك أظهرهن ميلهن الكبير نحو مواقع المنتديات ومتابعة أحدث الروايات الإلكترونية. لست مدمنة لا تصنف لورا العمودي (16 سنة) نفسها من بين مدمني الإنترنت، على الرغم من عدد الساعات الطويلة التي تقضيها أمامه، والتي تزيد على تسع ساعات غير متواصلة كمعدل يومي.. بيد أنها تعلل ذلك بعدم وجود أنشطة أخرى مسلية تقوم بها خلال الإجازة الصيفية. مشيرة إلى أنها دائمة التواجد في المنتديات الإلكترونية على اختلاف توجهاتها، إلى جانب موقع الألعاب الشهير البلياردو والفيس بوك واليوتيوب. بلياردو إباحي وتشاطرها عهود العيسى (15 سنة) الجلوس ساعات طويلة أمام شاشة الحاسب الآلي، متنقلة بين بريدها الإلكتروني ومحادثة الصديقات وقراءة أحدث ما جادت به التقنية من روايات إلكترونية. وتنفي عهود أن تكون الإباحية مقتصرة على الصورة فقط، وتشير إلى أن عددا من مواقع الألعاب التفاعلية كالبلياردو، التي تتيح التحدث مع الطرف الآخر، بها كم هائل من العبارات التي تصنف على أنها إباحية، إلا أنها لا تعيرها بالا، ولا تفكر في ترك هذا الموقع على الإطلاق، بعد أن استطاعت على مدى سنة كاملة أن تصبح ماهرة في اللعبة، على حد قولها. وأضافت العيسى: “الإنترنت ليس خطرا، إنما يحتاج إلى حسن توجيه فقط، حيث يعد عالما مليئا بالسلبيات والإيجابيات أيضا”. ترشيد الاستخدام في السياق ذاته، اشتكى بعض أولياء الأمور من الساعات الطويلة التي يستغرقها أبناؤهم وبناتهم أمام شاشة الحاسب الآلي، مؤكدين حرصهم الكبير على ترشيد عملية استخدامهم للإنترنت، وذلك بتحديد ساعات معينة لهم، وعدم ترك الحبل على الغارب.. كما أشاروا إلى أهمية مراقبة الأبناء أثناء جلوسهم ساعات طويلة أمام الإنترنت. حوار مفتوح وأوضحت أم ماجد، ربة منزل، الطريق الأمثل لحماية الأولاد من إدمان الإباحية عبر الانترنت، وقالت: “إن فتح حوار مع الأبناء حيال ما يشاهدونه في الإنترنت ومراقبتهم بين فينة وأخرى، وإعطاءهم جرعات مناسبة من النصائح توضح مخاطره وسلبياته، هو الطريق الناجع لحمايتهم من خطر الإنترنت”. وأضافت: “هذا هو السبيل وليس منعهم من الممارسة الكلية”. وأشارت أم ماجد إلى أن “المنع قد يجعلهم يلجؤون إلى طريق غير سوية لتحقيق رغبتهم في استخدام الإنترنت”. وأضافت: “وقد تكون العواقب حينها وخيمة”. ولفتت إلى أن “مخاطر الإنترنت قد لا تقتصر على الأمور السلوكية والأخلاقية فقط، بل يطول الأمر الجوانب الصحية الجسدية والنفسية”. وأوضحت أم ماجد أن “الإنترنت بوابة واسعة مفتوحة على عالم افتراضي، إلى جانب ما يحمله من زخم معلوماتي هائل”. وأضافت: “هنا يظل دور الآباء في إبراز الجوانب الإيجابية لهذا العالم”. وقالت: “لكن لا نترك الأمر على أعنته؛ حيث نفقد السيطرة على حجم التعرض للإنترنت”. وأكدت أنه “لا بد من تقنين ساعات الاستخدام، وإشغال أوقات الأبناء بأنشطة أخرى؛ حتى لا يتحول الأمر إلى إدمان”. استغفال الأهل من جهتها، أشارت إيمان عبدالعزيز، معلمة، إلى أن “تدريب الوالدين على كيفية التعاطي مع جهاز الحاسب الآلي بات ضرورة ملحة”. ولفتت إلى أن كثيرا من الأهالي يجهلون كيفية استخدامه؛ فيجعلهم ذلك عرضة للاستغفال من قبل أبنائهم. وأضافت أن حجب المواقع الإباحية من قبل الجهات المختصة ليس كافيا. وأكدت أن الأمر يحتاج إلى جهد مضاعف من قبل الأهل لتوعية أبنائهم بخطورة هذه المواقع على الفرد وعلى المجتمع. وشددت على ضرورة “توعية الفتيات بمخاطر التحدُّث مع الأشخاص الغرباء أو تنزيل صورهن الشخصية على أجهزتهن؛ ما يجعلهن عرضة للسرقة”. وأشارت عبدالعزيز إلى أن كثيرا من الفتيات انزلقن إلى غرف الدردشة، وأصبحن أسيرات أشخاص غير أسوياء. وأوضحت أن ذلك “يعرضهن للابتزاز”. وقالت: “وهو ذات الأمر الذي تعج به وسائل الإعلام من أخبار عن قضايا ابتزاز وغيرها”. وأكدت “أهمية الاحتواء من قبل الأهل للمراهقين من الجنسين”. ودعت عبدالعزيز إلى “عدم ترك جهاز الحاسب الآلي في غرفهم الخاصة، بل يوضع في مكان مفتوح في المنزل، كالصالة الرئيسية”. وأوصت بتوعيتهم بالأضرار السلوكية والصحية التي يخلفها المكوث أمامه لساعات طويلة “قد تصل عند بعض الأبناء إلى اليوم بطوله دونما توقف”.