في إحدى أغنياته ينتشي الفنان محمد عبده بكلمات بدر شاكر السياب ومقلتاك بي تطيفان مع القمر وعبر امواج الخليج تمسح البروق شواطئ الخليج بالنجوم والمحار كأنها تهم بالشروق أصيح بالخليج يا خليج.. ويرجع الصدى كأنه النشيج مر زمان على مثل هذه الأغاني التي تحضر فيها الكلمة الفصحى بأنفتها لتعانق الذائقة، وتوصل المستمع إلى لذة طربية حقيقية، ورغم كثرة الفنانين وشركات الإنتاج المنتشرة في الوطن العربي، والدعم الكبير الذي تجده الأغنية، إلا أن هنالك غيبوبة كاملة للأغنية الفصحى عن حناجر الفنانين، سوى بعض المحاولات الفردية التي لا تصل إلى مرحلة المنافسة، وتسيطر اللهجة (المحكية) على الأغنية وشعرائها، رغم الجمهور الكبير المتعطش لرونق كلمات لغة الضاد التي عادة ما تمنح فنانيها (برستيج) خاصا عند أدائها على المسرح والحفلات. نستعرض هنا بعض الأغاني التي لا تزال عالقة في أذهان الجمهور المحب لهذه الأغاني: صوت الأرض وسلطنة الفصحى يعتبر الفنان الراحل طلال مداح أحد أكثر الفنانين الذين قدموا للأغنية روائع خالدة باللغة الفصحى، ومَن ينسى (سويعات الأصيل) أو (أقبل الليل) أو حتى (انتظاري طال)؟ ورغم الفترات التي عاشها من أجل تكريس الأغنية السعودية وإيصالها عربيا بلهجتنا المحكية إلا أن عشقه للطرب الأصيل وللأغنية الفصحى كان أكبر محرض لصوت الأرض على مواصلة الإبداع والإمتاع. عبده وحنكة اختيار الكلمات فنان العرب هو الوحيد في الساحة منذ سنوات الذي يشتاق لتقديم الأغنية الفصحى، وتنوع تقديمه لها بين إضافة إلى (أنشودة المطر) مع الشاعر بدر السياب، وقدم أغنيته الوطنية الشهيرة (أجل نحن الحجاز ونحن نجد) مع غازي القصيبي، وكرّر تعاونه معه في ألبوم (الهوى الغايب) في أغنية (مغرورة)، ومن أغانيه القديمة أغنية (هيجت ذكراك) مع عبدالله فتح الدين، وأغنية أبي القاسم الشابي (عذبة أنت). أغنية عمر للوطن من أجمل الأغاني الوطنية التي قدمت للتلفزيون السعودي أغنية (وشم على ساعدي) التي كتب كلماتها الشاعر علي محمد صيقل، وغناها الفنان محمد عمر، وحضرت من خلالها الكلمة الفصحى والأغنية الوطنية، وترددت هذه الأغنية كثيرا، واتسمت بعمق الأوصاف وغزارة المعنى، وحققت نجاحا كبيرا، وما زال الكثيرون يذكرونها رغم أن التلفزيون لم يعد يعرضها.. وتقول كلماتها: وشمٌ على ساعدي نقشٌ.. على بدني وفي الفؤاد وفي العينين يا وطني شمسا حملتك فوق الرأس فانسكبت مساحة ثرة الأضواء تغمرني قبلت فيك الثرى حبا وفوق فمي من اسمرار الثرى دفء تملكني (مخاوي الليل) فعلها رغم الأصوات التي تصفه بأنه فنان شعبي إلا أن (مخاوي الليل) قدم أغنيتين من أجمل أغانيه، وحفظهما جمهوره عن ظهر قلب، وتجلى من خلالهما الفنان بأداء عال، ففي أغنية (المعاق) أجاد خالد الظهور بشكل مختلف خاصة، وأيضا اكتملت الكلمة والإحساس في أغنية (ظن كفى سوء ظن)، ويتمنى جمهوره أن يظهر في أغنية (مكبلهة) بالفصحى من باب التغيير، وستكون مفتاحا للوصول والانتشار عربيا. صدق أو لا تصدق قد لا يصدق البعض أن رابح الذي يسلك الآن درب الأغنية (النقازية)، ويمزج بين الإيقاعات الغربية والشرقية في أغانيه، غنى في بداياته أغنية (يا نسيم الليل) عام (1982)، وحققت أصداء طيبة، ثم كرر التجربة في أغنية (يا بريق الماء) ونالت نفس الأصداء، ومن الممكن أن يكرر التجربة بعد هذه المدة الطويلة ويقدمها ب(ستايل) حديث، وسبق ل(رابح) أن أبدى موافقته على تقديمها بشرط أن يكون النص جيدا وصالحا للغناء.