تمكن غواصو (حرس الحدود) في جدة صباح أمس من انتشال جثة غريقة ساحل النورس، فاطمة الصعب، بعد العثور عليها على بعد ألف متر جنوب الموقع الذي غرقت فيه داخل عرض البحر، بعد مسح كامل للمنطقة شارك فيه أكثر من 60 غواصا نفذوا 1024غطسة في مساحة تجاوزت 60 كيلومترا يوميا. وكانت الصعب (18 عاما) قد قدمت مع أهلها للتنزه على شاطئ النورس على ساحل البحر الأحمر بجدة في إجازة نهاية الأسبوع، (الخميس قبل الماضي)، كمكافأة من والدها على النجاح، حسب وعده لها، ولكن النهاية لم تكن سعيدة؛ إذ قضت نحبها غرقا أثناء نزولها مياه البحر لتجرفها مياه الصرف التي تدفقت بكثافة أثناء تمشيتها تحت أنظار والدها، وفشلت كل محاولات الإنقاذ والبحث عن الجثمان رغم تكثيف الجهود من قبل حرس الحدود ودوريات الأمن والهلال الأحمر، إضافة إلى وجود عدد من السباحين الذين تصادف وجودهم على ساحل البحر الأحمر أثناء حادثة الغرق، إلا أن مياه الصرف المتدفقة أعاقت سير البحث، ودفعت بجسم الفتاة إلى عرض البحر؛ حيث سحبتها التيارات ومن ثم أعادتها بعد مضي 12 يوما. وحول تفاصيل العثور على الجثة، ذكر المقدم صالح الشهري الناطق الرسمي ل(حرس الحدود) في مكةالمكرمة أنه بتوفيق الله في تمام الساعة ال11 صباح أمس تم انتشال جثة الغريقة التي استمر البحث عنها طوال 12 يوما، واستنفر (حرس الحدود) كافة طاقاته وإمكاناته للعثور عليها؛ حيث تم العثور على الجثة في قاع البحر على بعد ألف متر من مجرى الصرف الصحي مغمورة تحت الصخور وتم التأكد من جثتها من خلال ملابسها (بلوزة بيضاء وبنطلون أزرق). وعن حالة الجثة، قال الشهري: “وجدت الجثة شبه متحللة، وتم نقلها إلى مستشفى الملك فهد في جدة، ومن ثم تم تحويلها إلى مستشفى الملك عبدالعزيز لاستكمال الإجراءات القانونية حيال تسليم جثتها لذويها بعد أن يقدم والدها إقرارا بأن ابنته ماتت غرقا وليس هناك متسبب في موتها سوى الغرق، أو وجود شبهة جنائية، حسبما هو متبع في مثل هذه الحالات”. من جانبه، أكد حسن الغامدي رئيس قسم الوفيات في مستشفى الملك فهد بجدة استلام جثة الفتاة من قبل مركز حرس الحدود بجدة صباح أمس، وبعد الكشف عليها وجدوا أنها متحللة، مشيرا إلى أن الجثة تأثرت بسبب بقائها خلال الفترة الماضية في البحر؛ ما أدى إلى تشوهات وتغيرات خلقية في ملامحها، وقام القسم بما عليه حيث تم حفظها في ثلاجة الموتى. وطرح موت الصعب “الصعب” العديد من الأسئلة حول وسائل السلامة المتبعة في شواطئ مدينة جدة وجاهزية الأجهزة المعنية بسلامة المتنزهين للتعامل الطارئ مع حالات الغرق وإنقاذ الضحايا؛ فالضحية كانت في موقع لم تنبهها فيه لوحة إرشادية واحدة لتدفق مياه الصرف الصحي التي سحلتها إلى أعماق البحر لتكتب سيناريو مأساة رهيبة لن تنساها جدة، وفضلا عن ذلك تناولت رواية تصدي سيدة لبنانية محترفة في الغوص لإنقاذها إلا أن أحدهم منعها من ذلك، وهي رواية إن صحت، تفرض جزءا كبيرا من المسؤولية على المسؤول الذي وقف حائلا أمام إنقاذ هذه الفتاة البريئة. وإجمالا تفتح المأساة كشف حساب للمسؤولية، وإعادة النظر في وسائل السلامة في شواطئ جدة وجاهزية فرق الطوارئ، ورغم أنه لا ينجي حذر من قدر، ولكن اتخاذ أسباب الاحتياط من التوكل والبحث عن السلامة؛ حتى لا يقع المتنزهون في التهلكة، وهم الذين يفترض أنهم على بر الأمان يستمتعون بالبحر وهوائه المنعش، بدلا من أن تروح أرواحهم هدرا بسبب عدم المسؤولية والإهمال.