ظاهرة.. قلما يخلو منها مجلس من المجالس.. إنهم الفارغون المتفلسفون.. الذين يستأثرون بحديث المجلس.. ويهرفون بما لا يعرفون.. يضج منهم أصحاب البيوت.. ويملهم رواد المجالس، وتصم الآذان دون الاستماع لهم.. لكنهم مستمرون.. يتوهمون أنهم مسموعون.. وأن الناس لكلامهم منصتون. هؤلاء الثقلاء.. لا يقتصر تواجدهم على المجالس فقط.. وإنما يمتد وجودهم إلى المناسبات والأماكن العامة؛ مثل المقاهي وغيرها. وللوقوف على أبعاد هذه الظاهرة وآثارها الاجتماعية، أجرت “شمس” هذا الاستطلاع. مزعجون يقول ناجي بن عبدالله: “إنني أعاني من هؤلاء الذين لا يفقهون معنى الفلسفة الحقيقية”. ويوضح أن “الفلسفة علم عريق، يحتاجون فيه إلى سنين طويلة ومعارف كثيرة؛ كي يطلق عليهم فلاسفة”. ويضيف: “أنا أطلق عليهم مسمى يليق بهم وهو المزعجون”. ويذكر ناجي، أن “هذه ثرثرة وليست فلسفة”. ويضيف: “هم لا يحترمون المكان الذي يتواجدون فيه على الإطلاق، وهذا فيه تقليل من حق المتواجدين”. ويقول: “تجدهم يتحدثون في الشيء المهم وغير المهم”. ويوضح: “لمست منهم شيئا يجعلني أضحك على ما يقومون به، هو أنهم يعتبرون أنفسهم علماء زمانهم، وأنهم هم الصح والباقي خطأ”. ويقول ناجي: “مع الأسف فإن من يتصف بهذه الصفة التي تزعج الآخرين، سواء في العمل أو المجالس أو المناسبات، يعاني من عدم انتباه الآخرين له”. ويشير إلى أنه “عندما يأتي إلى مكان يصبح هو الزعيم الأوحد، ويتحدث ويناقش ويفرض رأيه على الآخرين”. ويؤكد: “أنه أمر في غاية العجب”. المُعَطِّلَة ويروي عبدالخالق بابان حكايته مع المتفلسفين بمجال عمله الذي يعمل به، ويقول: “لدي عدد كبير لا يستهان به من هؤلاء المزعجين، خصوصا أثناء العمل”. ويضيف: “أواجه كثيرا من المتاعب عند بدء الحديث حول موضوع معين، فتجدهم يتحدثون بشكل يزعج المتواجدين في العمل، من خلال فلسفة لا تعتمد على مخزون ثقافي”. ويوضح: “إنهم يعطلون سير العمل بالحديث في أشياء ليس لها أي علاقة بالمجال الذي نعمل به”. ويؤكد بابان، أن “مثل هؤلاء الأشخاص يعانون من عدم الإنصات لهم، من قبل المجتمع في الخارج”. ويضيف: “تجدهم يفردون عضلاتهم علينا، كم كلمة قرؤوها في الصحف أو الإنترنت”. ويذكر: “تجدهم يتفلسفون بكل ثقة، وعندما تقول لهم إن هذا الأمر ليس صحيحا، أو هو كذا تجدهم ينزعجون جدا، ويبدؤون في الهروب من المكان؛ بحجة أن ما يقوله المعترض غير صحيح”. سطحيون أما محمد المحسن فيقول: “إن غالبية المجالس العامة والخاصة تعج بهؤلاء المتفلسفين السطحيين، الذين يتحدثون في جميع المجالات، من دون دراية”. ويضيف: “تجد لديهم مقتطفات حول قضية ما، فيبدؤون بالتفلسف، من دون خوض في تفاصيل الفكرة”. ويوضح: “إنهم يكتفون بالسماع عنها من أحد الأصحاب، فيذهبون إلى المجالس العامة والصالونات الثقافية، ويعملون من أنفسهم فلاسفة زمانهم”. ويذكر المحسن، أن “غالبية من يتسم بهذه الصفة التي تزعج الكثيرين حولهم، نرى الناس ينفرون منهم لحكيهم الزائد، وعدم التزامهم آداب المجلس”.