تشهد الساحة الدرامية طفرة هذه الأيام في إنتاج المسلسلات الرمضانية، وكل منتج يبحث عن التميز في تسويق عمله بمنظوره الذي يراه. ومع هذا الكم من الأعمال تجاوز بعض المنتجين في تصوير (الرموز الدينية)، وتحويل الأحداث التاريخية إلى مسلسلات رمضانية، ولعل مسلسلي (الأسباط) و (حمزة والعباس) خير مثال على هذا التوجه الذي تسبب في احتقان وتأجيج الجمهور وعلماء الدين ضد هذه المسلسلات، وليست معروفة إلى الآن أهداف المنتج الكويتي محمد العنزي من إنتاج مسلسل (الأسباط)، فبرغم المشكلات التي يواجهها المسلسل إلا أن لديه إصرارا على إنتاج أحداث المسلسل التي تتطرق لسيرة الحسين ووقائع كربلاء ولا يزال عند موقفه. والمسلسل إن صُور فمن المؤكد وبصورة كبيرة أنه لن يجد أي قناة من قنوات الصف الأول من ناحية المشاهدة ستعرضه، لاعتبارات أهمها تأجيج الفتنة الطائفية؛ ونظرا إلى حساسية القضية التي يتطرق اليها مسلسل (الأسباط) فقد مُنع من التصوير في سورية بأمر وزارة الاعلام، ثم أوقف تصوير المسلسل في لبنان، لنفس الأسباب السابقة. وكان من المرشحين: الفنان سلوم حداد الذي سيؤدي شخصية (معاوية بن أبي سفيان)، والفنان سامر المصري الذي يؤدي دور (الإمام الحسين)، اللذان قدما اعتذارات عن العمل. وبعد موجة الاعتذارات الكبيرة من سورية يحتمل أن يلجأ المنتج إلى المغرب العربي قبل أن يحبط مشروعه الذي رصد له ميزانية ضخمة تقدر ب ثلاثة ملايين دولار بحسب الأنباء الصحافية. على عكس ما حصل لمسلسل (حمزة والعباس) الذي صُور وأدى فيه الممثل باسم ياخور شخصية حمزة، فيما أدى الممثل اللبناني رفيق علي أحمد شخصية العباس، ومن المحتمل تغيير الاسم إلى (الخوافي في نصرة الاسلام). “شمس” فتحت ملف هذه المسلسلات وأجرت اتصالاتها مع بعض المختصين.. تشويه الرموز وفي اتصال هاتفي بسطام بن زكي العباسي الهاشمي (مؤرخ ونسابة) أكد أنه ضد عرض العمل، و قال: “نحن نقف ضد هذا العمل من منطلق ديني بالدرجة الأولى ومن ثم تاريخي؛ لأننا نرفض أن يتبنى أحد سرد التاريخ من وجهة نظره التي تمثله، فكيف لنا أن نقبل أن يجسد رجل نصراني شخصية حمزة رضي الله عنه، ورجل من طائفة أخرى يجسد شخصية العباس بن عبدالمطلب وهو أحد أهم رموز السنة، كما أننا ضد تشويه الدراما للرموز الاسلامية من خلال إعادة تشريح الأحداث وضخها برؤية جديدة قد لا تكون صحيحة إطلاقا”، وأضاف: “مثل هذه الأعمال تفتح مجالا للتأويل و الفتنة، ولا يوجد عمل درامي تناول شخصيات إسلامية وكان موضوعيا، وسنتصدى لهذا العمل وإن لزم الأمر سنصعّد الموضوع للجهات الشرعية والرسمية أيا كانت”. لا مانع.. بشروط في حين تبنى الشيخ محمد عيد العباسي وبدوره وجهة نظر خاصة عندما قال: “لا يوجد هنالك نص حول هذه المسلسلات.. أيجوز أو لا يجوز عرضها؟! ولكن يجب علينا تعظيم الرموز الدينية لأن الله قال في محكم التنزيل: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)”. وأضاف: “يقتضي هذا التعظيم والاحترام عدم تمثيل رسول الله أو صحابته رضوان الله عليهم”. وأكد الشيخ العباسي عدم ممانعته عرض هذه المسلسلات بشرط أن تتناول العرض من وجهة نظر سنّية موضوعية. وبين الشيخ أنه من خلال هذه الأعمال نستطيع أن نبين مدى سماحة الدين الاسلامي لغير المسلمين. أما بالنسبة إلى لجنة البحوث الدائمة والإفتاء فقد أصدرت قراراً بمنع تمثيل الصحابة، لما فيه من الامتهان لهم والاستخفاف بهم وتعريضهم للنيل منهم، وإن ظن فيه مصلحة فما يؤدي إليه من المفاسد أرجح، وما كانت مفسدته أرجح فهو ممنوع، وقد صدر قرار من مجلس هيئة كبار العلماء في منع تمثيل الصحابة أو أحدهم.