يجمع الإماراتي في طباعه بين نسائم البحر وعطائه وشدة الصحراء ونقائها، لذا يغلب على طبعه الهدوء والبساطة إلى جانب الكرم والعطاء. يتبادر ذلك إلى خاطر من يتابع أخبار إمارة أبو ظبي، وطريقة العمل فيها سواء القطاع الحكومي أو الخاص، فهو يتم بتخطيط وهدوء وبعد عن التكلف، وبمبدأ العمل من حيث انتهى الآخرون. فقد احتضنت أبو ظبي أول فرع لجامعة السوربون في الشرق الأوسط، هذه الجامعة التي يعود تأسيسها إلى عام 1253م، وهو ما أود أن أتوقف عنده مع القراء الكرام، فلا جدال أن هناك فجوة حضارية وتعليمية بيننا وبين العالم الغربي، والاعتراف بالحق فضيلة، وبالطبع ليس كل ما لديهم يصلح لنا، لكن ما قصدته هو الجانبي العلمي التطبيقي، وهذا ما بدأت تستدركه دول الخليج منذ عام 1990، ومنها السعودية التي أعادت العمل بنظام الابتعاث على نطاق واسع بعد توقف دام سنوات طويلة، إلا أن فتح المجال للجامعات الأجنبية لفتح فروع لها في المنطقة له أبعاد علمية ونتائج تنموية لا تخفى على ذي فكر، فإضافة إلى إيجاد فرص تعليمية نوعية، من شأن ذلك توفير أعباء مالية على ميزانيات وزارات التعليم والتي يتطلبها ابتعاث أعداد كبيرة من الطلبة والطالبات إلى الخارج، ولا يخفى أن بعض الطلبة المبتعثين ربما لا يحسن التكيف مع بيئة الدراسة بالخارج، فيجد البديل المناسب في فرع جامعة أجنبية لها وزنها وتاريخها العلمي الطويل في بلده وبين أهله. كل ذلك وغيره من الدوافع، جعل وزارات التعليم العالي في دول الخليج تبرم الاتفاقيات مع جامعات كبرى لفتح فروع لها، ومنها حكومة أبو ظبي، إلا أن الوضع لدينا في السعودية ظل وما زال استثناء لتلك النقلة؛ فقد تم افتتاح بعض الجامعات الأهلية التي عقدت بدورها اتفاقيات علمية وإشرافية مع جامعات أجنبية مما أطال الطريق وتطلب أعباء مالية وبشرية، بينما كان يمكن توفير تلك الجهود والأعباء بفتح المجال أمام جامعات عريقة ولها وزنها العلمي والتنموي، حكومة المملكة رصدت ميزانية هي الأضخم في تاريخ التعليم وقامت بافتتاح عدة جامعات حكومية، إلا ان الحكومات وحدها لا تستطيع القيام بكل شيء ولكل الناس فلا بد للقطاع الخاص المحلي والأجنبي، وبالذات في قطاع التعليم لأنه الأساس أن يقوم بدور مساند أكبر مما هو لدينا حاليا.. والله من وراء القصد.