وبدأت أجراس الحياة الاجتماعية الصاخبة تصرخ، وتشدني من ذراع إحساسي لتنهاني عن استكمال أهم التزماتي الشخصية.. "أن أكتب أول رسائلي إليك"، أول رسائلي إليك سأختصر فيها كل أحاسيس العالم، وأجمعها في سطور ورقية، أغمض عيني لأرى صورة حب جميل على هيئة حلم، ثم أفتح عيني لأصورها واقعا على ورقة. أول الرسائل إليك سأقول فيها: حبيبي، ما أحوالك يا كل أحوالي، اشتقت كثيرا لك بالأمس؛ لأني لم أرك إلا أربعا وعشرين ساعة!، وافتقدتك اليوم لأنه مر عشر من الدقائق ولم أرك أو أسمع صوتك! حبيبي..، ( ورن جرس محمولي؛ فرفعت طرفي لشاشته، وبين نفسي وبيني كنت أقول: أيّن كان اسم صاحب الاتصال؟ ومهما كانت درجة قرابته، أنت الأهم والأقرب، ولن أترك القلم أو أخون حروفي لك!)، ولم أرفع طرف عيني إلا ظنا مني أن الرنين قد يخاف ويصمت، فأكمل حبيبي يا كل أحبابي، سأخبرك بنبأ مهم، استطعت أن أقلص ساعات نظري لصورتك إلى النصف، وخصصت النصف الآخر لتخيل صورك المختلفة المحفوظة بذاكرتي وخيالي بعد لحظات اللقاء. ولدي بشرى لك، استطعت أن أسيطر على نفسي، وأمسك لساني عن ذكرك والاستشهاد بأقوالك وأفعالك بين الناس ذات مرة، حتى لا يكتشفوا حبي لك، وفي نهاية الاجتماع ناديت أحدهم على مسمع من الجميع وبصوت جهوري ودون أن أشعر؛ فأبدلت اسمه باسمك، فاعذرني لأني.. (وظهرت طرقات على الباب وصوت في الخارج يناديني، وتجاهلت الصوت لأكمل). حبيبي يا غذاء الروح، واستراحة النفس، وراحة الجسد، يا شفاء العليل، وسر السعادة، لكم أتمنى لو نرحل إلى حيث لا يجدنا أحد، لأكون كل أوطانك، وكل أهلك وناسك، وهناك (ارتفع صوت مذياع في الخارج ليقطع حبل أفكاري، ويفسد علي تركيزي، ولكني سأتابع) نعم حبيبي .. يا روح الروح، ونبض القلب، لا أريد أحد سواك؛ فالعالم أنت؛ فلتعلم أن الحياة الحقيقية إما معك أو لك، وما سوى ذلك فراغ، وهنا ارتفع صوت المؤذن مناديا "الله أكبر" يدعو إلى الصلاة إلى الفلاح، وهنا قررت أن أختم كلماتي إليك بدعاء الله تعالى ألا يحرمني منك، لأغتنم فرصة ما بين الأذان والإقامة، لعل الله يتقبل الدعاء، ويحفظ ما بيننا. وما لم يكتمل من حديثي سأكمله بصوتي، فلحديث اللسان حلاوة، كما حديث السطور.. وسأجعل رسائلي لك سيلا لا ينقطع، وأناجيك في كل حروفي، وأحاورك في جميع مواضيعي، ليصبح الإلهام دائما رسائل إليك، لا ينهاني شيء عن استكمالها إلا طاعة ربي وعبادته.. فدمت لي. البنفسج