يسألوني عن السر في تلعثمي عندما أُجريت معي مقابلة تلفزيونية مسجِّلة في أحد الأسواق، وطلب المذيع رأيي في موضوع البرنامج، حين وجدت نفسي أضرب أخماسا في أسداس، وأحس بأن الكلمات تخرج من فمي ثقيلة كأنها تُنتزع انتزاعا من صدري. لم يعلموا أني نشأت منذ صغري على الطاعة التامة لكل الأوامر، من والدي، ثم من إخوتي الأكبر مني، وفي المدرسة قدمت فروض الولاء التامة لكافة المعلمين والوكلاء والمديرين، حتى الفراشون سمعت كلامهم. وعندما كنت أحاول رفع أصبعي النحيل لطلب الفهم خلال الدروس، كنت أُقمع بجملة "نزِّل يدك يا ولد"؛ لأن المعلم لم يكن بحالة مزاجية تسمح له بالرد على أسئلتي. وحتى عندما كبرت ودخلت الجامعة رفض كثير من الدكاترة مبدأ النقاش معنا نحن الطلاب، وطالبونا بالانصياع حتى لا نُحرم من موادهم. والآن في عملي مطلوب مني تنفيذ أوامر مديري دون اعتراض.. وبعد هذا كله، يأتي السيِّد المذيع ليطلب رأيي! منذ متى كان لي رأي؟