يخطئ كثير من الناس عندما يصفون فلانا بأنه (إسلامي)، وينعتون آخر بأنه (غير إسلامي)، والغالب أنهم وبهذا الفهم يقسّمون الأمة بين (مسلم وكافر) دون دراية منهم، وهي من الأمور التي لا تجوز، حيث لا ينبغي أن نحكم على مسلم بالكفر لمجرد أنه اجتهد في مسألة أو أخطأ فيها، طالما أنها ليست من المكفرات ولم يحكم عليه بذلك القضاء الشرعي وليس الأفراد، هكذا ابتدر الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي حواره معنا، الذي أشار فيه إلى أن الناس استساغوا كلمة إسلامي وغير إسلامي من حيث الجملة (كتابيا) من دون الاعتقاد، كأن يقال هذا كاتب إسلامي وهذا سياسي وذاك رياضي وهكذا؛ باعتبار أن الكل يجب أن يكون تحت مظلة الإسلام، سواء الاقتصادي أو السياسي أو الرياضي، مؤكدا أن إثبات صفة الإسلام لشخص بعينه لا يعني نفيها عن الآخرين، وتحدث الشيخ العصيمي عن كثير من الأمور التي ستطالعونها من خلال هذا الحوار. كيف تنظر إلى تدخل الدعاة والعلماء في كل شيء؟ الذي ينظر إلى هذا التدخل يرفع شعار ما لله لله وما لقيصر لقيصر، فالكل يجب أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بالطريقة المناسبة، فما يراه البعض تدخلا هو حقيقة يعد أمرا دينيا مسلَّما به، وأتساءل: ما رأي من يقول مثلا بسب النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟ هل يمكن أن نسكت؟ لذلك يجب على كل فرد في الأمة أن يحاول أن يغير بما يمكنه. هل تعني أنه يحق للدعاة التدخل في كل شيء؟ يا أخي أنا لا أوافق على كلمة تدخل؛ لأنه في حقيقة الأمر هو أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، لكن يجب أن نضع في الحسبان الأسلوب المناسب والأمثل، وأذكر أنني كنت مع سماحة الشيخ ابن باز وسألته عن التعامل مع المخالفين من الفرق الضالة، خاصة أنهم يتعاملون بلطافة وأسلوب حسن، فقال “كونوا أكثر حكمة ولطافة منهم”. لكن لماذا لا يقبل الدعاة أن يتحدث كاتب مثلا عن أخطاء بعضهم؟ إن كنت تقصد الدعاة بشكل عام فلا أظن أنهم مجتمعون على ضلالة؛ لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تجتمع أمتي على ضلالة”، لكن لو أن أحد الدعاة اجتهد وأخطأ تجد أن الأسهم مصوبة تجاهه لإسقاطه، والغريب أن بعض الكتاب يطالب الدعاة بالحكمة والموعظة الحسنة، وهذا من حقه، وبعد ذلك تجده يقوم بسبهم وشتمهم، فأين الحكمة والموعظة الحسنة التي يتشدق بها؟.. وهناك كتاب يجتهدون في النقد الجارح لأشخاص الدعاة وليس لأفكارهم ومنهجهم الدعوي وهذه هي المشكلة. هل توافق على رأي من يقول إن هؤلاء الكتاب لهم دور في تغذية الإرهاب؟ قبل أن أجيب عن هذا السؤال لا بد أن أقول إن الإرهاب أصبح شماعة لكل أحد، هذا أولا وسأعطيك بعض الممارسات لبعض الكتاب، أحدهم يقول إن الهيئة هي سبب خسارة المنتخب السعودي من ألمانيا ثمانية مقابل صفر، ولا تستغرب لو انعطبت ماسورة مياه بين الرياض والجبيل فيخرج أحد الكتاب ليقول إن السبب هم الهيئة، ومع كل هذا أنا لست مع من يقول إن هؤلاء الكتاب هم أحد أسباب الإرهاب. لكنك تقول إن بعض الكتاب يهاجم الهيئة بمناسبة ودون مناسبة؟ نعم. لكن هذا لا يعني أن لهم دورا في الإرهاب، ورغم ذلك أؤكد أنهم مخطئون في تحميل الهيئات ورجال الحسبة حملا ليس لهم علاقة به، سأسألك سؤالا هل تجد الصحافيين يهاجمون وزارة الصحة بنفس قوة هجومهم على الهيئة؟.. وهناك ملحظ مهم أن الهيئة لا تريد فضح الناس. هناك دعاة حديثو استقامة ومع ذلك تجدهم يعتلون المنابر.. ما رأيك؟ صحيح بعضهم قد يكون ممن أسرف على نفسه بالذنوب والمعاصي؛ ورغبة منه في محو هذه الذنوب تجده حريصا على الخير والدعوة؛ لإنقاذ غيره، لكن المشكلة هي في قلة العلم الذي يحملونه، فأنصحهم بالارتباط بالعلماء الكبار وحضور الدروس العلمية وزيارة أعضاء هيئة كبار العلماء وترك الحديث عن الماضي والتجارب غير الجيدة التي خاضوها، ولو من باب الستر. لك رأي مثير جدا في من طالبوا بمحكمة رياضية، ما هي الخلفية التي استندت عليها؟ نحن في دولة تحكم بالشريعة الإسلامية وجميع القوانين مستمدة من الشريعة، ومطالبة البعض بمحكمة رياضية ماذا يقصدون بها؟ هل يقصدون أن يأتوا بأنظمة خاصة بعيدة عن الشرع ويتحاكموا إليها؟.. فهذا تحاكم إلى غير ما أنزل الله ولا يجوز شرعا، لكن إذا قصدوا بالمحكمة الرياضية أن تفصل بين الأندية، فهذا منوط به ديوان المظالم ويستطيع كل أحد أن يطالب بحقه من خلالها، وإذا أرادوا مثلا أن يتحدثوا عن خصومات الأندية حول اللاعبين فالنبي صلى الله عليه وسلم حل هذه المعضلة، “فلا يبع بعضكم على بيع بعض”؛ فهذا حل شرعي لهذه المشكلة، وهكذا لو ظللت تعدد لأي مشكلة رياضية فبالتأكيد أن حلها موجود، والله عز وجل يقول: (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ). لك رأي أيضا في عدم جواز سجود اللاعبين في الملاعب؟ نعم. صحيح ولدي بحث من 40 صفحة سيرى النور قريبا سأحاول تلخيص المسألة فيه، أولا هل الهدف نعمة يشكر الله عليها أم لا؟ إذا كان نعمة فيجب على من يقول بهذا أن يجيز أن يدعى في صلاة الجمعة وغيرها بأن يجلب النصر والفوز، ثانيا هل سجود الشكر وسيلة دعوية؟ وبظني أنها مجرد حركات لا تقدم أي معلومة إلى من يراك من غير المسلمين، ولو قلنا إن لاعبا مثلا في برشلونة الإسباني سجد بعد تسجيله هدفا في نادي ريال مدريد فجمهور برشلونة (وأنا هنا أفترض) قد يعتبرونها دعوة لهم، وإلا فبعضهم قد يعتبرها تحية خاصة، لكن في المقابل جمهور ريال مدريد سيعتبرها حركة استفزازية من هذا اللاعب المسلم وربما كره الدين بسببه، والشيخ ابن عثيمين قال “سجود الشكر لا ينبغي”، والشيخ عبدالعزيز آل الشيخ يقول “لا ينبغي”، والشيخ صالح الفوزان يقول “إنه بدعة”، وهؤلاء اتفق الناس على وعلمهم وقدرهم، فهل هم لا يريدون من الرياضيين ألا يظهروا بمظهر إسلامي؟.. بالعكس هم يريدون ذلك، لكن دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح، وهناك من يقول إن النصارى يحيّون إلههم فنحن نريد كذلك؛ فأقول “النصارى تحتفل بأعياد باطلة كعيد الشكر ورأس السنة وغيرها فلماذا لا نفعل ذلك؟ .