وجدت سماح (39 سنة) نفسها ربة البيت وعائله، تقوم على شؤونه وشؤون إخوتها وﺃخواتها الصغار بعد ﺃن تعرض والداها لحادث ﺃسفر عن وفاتهما على الفور: "كنت بكرا لوالديّ، فرحا بي ﺃشد الفرح، وآثرا ﺃن يتوقفا عن الإنجاب سنوات ليتفرغا لتربيتي، ثم قاما على جميع شؤوني من تعليم.. ذكريات رائعة ما زلت ﺃحتفظ بها في الذاكرة، ولكن هذه الصورة الجميلة انكسرت لحظة قيل لي ﺃحسن اﷲ عزاءكِ لقد توفي والداك"! ، قامت سماح على تربية إخوتها خير قيام، علمتهم، وﺃنفقت عليهم من راتبها في التعليم، حفاظا على ورثهم من النفاد: "لطالما طرق بابي من الخاطبين، ولكن كيف لي ﺃن ﺃقبل؟ وكيف لي ﺃن ﺃرتحل مع زوجي وخلفي هؤلاء الأطفال اليتامى"؟ رفضت سماح كل من ﺃتاها خاطبا، الأمر الذي جعل سني عمرها تتهاوى كخرزات العقد في سبيل من ترعاهم، وما انتبهت لنفسها إلا بعد ﺃن فاتها قطار الزواج: "ﺃنا الآن على مشارف، 40الوبعد ﺃن تزوجت آخر العنقود (ﺃختي الصغيرة) استوحشت من البيت الذي ﺃقطنه، من الفراغ، من الوحدة، من التجاعيد التي استوطنت في وجهي، من شعر ﺃشيﺐ بدﺃ يكسو شعري" كل هذا يهون إذا ما قورن بما تجده سماح من كلماتٍ ونظرات يطلقها الآخرون عليها: "ما ﺃسمعه من نظرات وتهامس الصديقات، الطالبات، وحديثهن عن عنوستي ﺃمر يذبحني من الوريد إلى الوريد" هذه اللحظات المؤلمة في حياة سماح دفعتها إلى البحث عن حل: "دارت جميع الأفكار في ذهني التي قد تتخيلونها وما لا يطرﺃ ببالكم، واستقررت على زيارة طبيﺐ نفسي ليساعدني على تجاوز الأزمة التي بدﺃت ﺃعانيها بشكل كبير ومخيف" وتذكر سماح ﺃن موقف المجتمع من حولها يشعرها ﺃحيانا بأنها ارتكبت خطأ حين ضحت بحياتها من ﺃجل إخوتها. لم يدر في خلد مها (30 سنة) ﺃنها ستصل إلى مرحلة العنوسة، فلطالما حلمت بالزوج ورسمت تفاصيل ملامحه، إلا ﺃنها على الرغم من ذلك لا تزال تحلم بمجيء اليوم الذي تخرج فيه من هذه الحالة لتنتقل إلى عالم المتزوجات كباقي صديقاتها اللاتي سبقنها لعش الزوجية: "لم ﺃهتم كثيرا بالزواج ولم ﺃفكر فيه، فأهل بيتي يوفرون لي كل شيء وﺃشعر بالراحة والاستقرار في منزل والدي، ومن هذا المنطلق كنت ﺃرفض كل من يتقدم لخطبتي عله يأتي الرجل الذي يرضي والدتي ودعواتها تشعرني بترقبها وخوفها، وكذلك والدي وإخوتي.. بدﺃت ﺃشعر بأن حنانهم شفقة علي، وفي كل مناسبة ﺃسمع كلمات وعبارات تشعرني بأن حياتي لا تسير بشكل طبيعي، وﺃني عانت رغد كثيرا من المشكلات النفسية بسبﺐ تأخر زواجها، الأمر الذي فاقم ﺃثره والدتها التي دائما ما تشعرها بأن حياتها غير طبيعية: "منذ ﺃن كنت في 02 المن عمري ونظرات ﺃمي المشفقة علي، دمعاتها التي تباغت حدقتيها حين تسمع بزواج إحدى القريبات كان لها بالغ الأثر السيئ في نفسيتي"، ولم يقف موقف الأم السلبي عند هذا الحد في تعاملها مع ابنتها، بل عظم الخطﺐ حين قررت الذهاب بها إلى إحدى المشعوذات لتعرف سبﺐ تأخر نصيبها، الأمر الذي ﺃشعرها بأنها عالة على عائلتها: "تزوجت جميع ﺃخواتي قبل ﺃن يبلغن 02 الﺃما ﺃنا فبمجرد ﺃن بلغت 02 الﺃخذتني ﺃمي إلى كاهنة ﺃخبرتها بأني مسحورة ولا يمكن ﺃن ﺃتزوج دون ﺃن يفك هذا السحر، ومن يومها ووالدتي تترقﺐ زواجي، ومما زاد تعلق ﺃمي بهذه الخرافات والأباطيل حين تقدم لي عريس واحد ومن ثم انسحﺐ دون ﺃن نعرف السبﺐ لتربط والدتي ما حدث لي بما قالته لها المشعوذة آنفا، فضلت ﺃخذ مواعيد لي من العرافات والمشعوذات وتصدق كل ما يقلن حتى وصلت إلى حالة تشبه الجنون من شدة هوس والدتي بزواجي، ولولا حفظ اﷲ لقتلت نفسي انتحارا بسبﺐ ما ﺃعانيه مع والدتي وﺃخواتي اللاتي يشاركنها النظرة لي بأني عانس، ويجﺐ ﺃن يجدن الحل لفك عنوستي وتزويجي، وهو ما ليس في يدي ولا في ﺃيديهن".