عارض صحي بسيط بدأ ب«نزلة برد»، أثرت عقاقيره المقاومة على قلب أحد أبرز الروائيين العرب؛ لأن قلبه المتخم بتخزين صور وتفاصيل شعبية غارقة في رسم الفاقة والفقر، كانت عضلاته ضعيفة؛ بسبب تدخّلين جراحيين سابقين خلال الأعوام العشرة الماضية. العارض الصحي الذي لم يدم أكثر من عشرة أيام، أدى لمفارقة الروائي المصري إبراهيم أصلان للحياة أمس الأول. حياته الأدبية التي بدأت قبيل نهاية ستينيات القرن الماضي، لا ترتبط سوى بإنجاز سبعة أعمال فقط لقرائه، الذين يدينون له بفضل تصوير أدق تفاصيل الحياة المصرية البسيطة، من خلال مجموعاته القصصية ورواياته. بدأ أصلان حياته الأدبية ب«قصة» وأنهاها بمثلها؛ لأن أول ما نشر مجموعته القصصية «بحيرة المساء»، وآخر ما كتب «حكايات من فضل الله عثمان». وعبر مشوار الكتابة، الذي تجاوز 40 عاما، أثبت بضمير أنه ابن منطقتي أمبابة والكيت كات القاهريتين، بدليل أشهر منجزاته رواية «مالك الحزين»، التي نقلها المخرج داود عبدالسيد للجمهور مع محمود عبدالعزيز عبر فيلم «الكيت كات»، كإحدى أيقونات السينما المصرية. لم يخجل أصلان طيلة حياته من شوارع الكيت كات وأمبابة، مثلما لم يخجل من أول وظيفة له ك«بوسطجي»، إلى أن طالب صاحب «نوبل» نجيب محفوظ بتفرغه من عمله، لصالح موهبته في الكتابة. التاريخ يشهد لكاتب الأعمال السبعة، أن ثلاثة منها ترجمت إلى خمس لغات، هي «بحيرة المساء» و«مالك الحزين» و«عصافير النيل»، وتنتظر المتبقية حظها، وهي «يوسف والرداء»، «وردية ليل»، «خلوة الغلبان»، و«حكايات من فضل الله عثمان». عبر صحيفة «الأهرام المسائي» في العام 1993، اعترف أصلان أنه «كائن ليلي»، وأكد أنه لم ينم الليل خلال 20 عاما تقريبا، ولعله واصل ذلك «الأرق» فيما بعد عام الاعتراف قبل 18 عاما، إلى أن غادر ليالي الدنيا ونهاراتها. واعترف أيضا أنه لا يكتب ويعمل بصدق، إلا بوجود «صوت يربطه بمن حوله من الأحياء»، وهذا يعني أنه رغم «ليليته» لا يألف الهدوء، لهذا يترك الراديو مفتوحا «على أي إذاعة»، كما أوضح؛ لأن «الصوت المفهوم أو غير المفهوم يستنفر قدراته، ويمنحه متعة التوحد مع العمل». إنه بالفعل كاتب ينتمي لحياة الفقراء والبسطاء، لهذا فارق الحياة في شهر الثورة، مع ذكرى ثورتي تونس ومصر خلال يناير الراهن.