في عالم يكاد يصل إلى ذروة الغليان الاقتصادي وفي بلد سجلت ميزانيتها للعام الجديد رقما قياسيا وضخما، اصطف عشرات الآلاف من العاطلين والعاطلات من أبناء وبنات وطننا في طوابير طويلة أمام أجهزة الصراف الآلي يوم السبت الماضي بانتظار إعانة العاطلين الأولى «البرنامج الوطني حافز» والذي تم إقراره قبل عدة أشهر ماضية بأمر ملكي كريم وغير مشروط. بطبيعة الحال سيجد من اطلع على شروط الإعانة التي اعتمدها «البرنامج» الكثير من الشروط غير المقنعة لاستحقاق الإعانة وللحصول عليها، أحد هذه الشروط غير المقنعة هو عمر المستحق للإعانة وأهمها هو ألا يكون المتقدم بطلب الإعانة طالبا أو متدربا في أي مرحلة من مراحل التعليم أو التدريب حتى وإن كانت تلك الجهة التعليمية أو التدريبية جهة أهلية وكأن المسؤولين عن البرنامج يطلبون وبشكل غير مباشر من العاطلين والعاطلات التخلي عن كل طموحاتهم ومساعيهم لتطوير أنفسهم والبقاء في بيوتهم بانتظار الإعانة الشهرية التي لا تتجاوز ألفي ريال شهريا - هذا إن لم تتعرقل إعاناتهم لشرط أو لآخر -! هناك الكثير من العاطلين والعاطلات من الخريجين والخريجات لم يجدوا أمامهم بعد أن أغلقت أبواب الوظائف في وجوههم سوى أن يكملوا تعليمهم الجامعي أو أن يدرسوا تخصصات أخرى مختلفة عن تلك التي درسوها لتساعدهم يوما في الحصول على وظيفة ما، ولأن هذا النوع من التعليم «الانتساب والانتساب المطور والتعليم عن بعد» والذي فتحت معظم الجامعات الحكومية أقساما أهلية له، من شروط قبولها فيه هو دفع رسوم سنوية يقوم الطالب «العاطل أساسا» بتسديدها في بداية كل عام دراسي جديد، السؤال هنا كيف سيقوم هذا الطالب «العاطل» وغير المستحق لإعانة العطالة بتسديدها؟! أليس الطلاب «العاطلون» الذين يسعون لتطوير أنفسهم والذين يجاهدون للخروج من مأزق العطالة هم الأحق بالإعانة من غيرهم من العاطلين القابعين في بيوتهم بانتظار الإعانة الشهرية؟! ألا يستحقون أن يتم تسديد رسومهم الدراسية على أقل تقدير ما دمنا غير قادرين على توفير وظائف لهم؟! من المفترض أن تكون الإعانة «حافزا» للعاطلين لا «مثبطا» لهم ولا معوقا لأحلامهم، وعليه يجب على المسؤولين عن البرنامج إعادة النظر في شروط الاستحقاق مادمنا في بداية الطريق!