أكد الشيخ الدكتور عابد السفياني عميد كلية الشريعة بنجران أن القرآن اهتم بموضوع الأمن اهتماما عظيما، وكل الأمم تطلب العدل، وتطلب الأمن، فهذا أمر فطري لكنها تختلف في الطرق التي تطلب بها الأمن، والعدل وتختلف أيضا في الطرق التي تحمي بها ضرورات الإنسان، مشيرا إلى أن من معاني الأمن السلامة في الدين، والأمن على المستقبل الأخروي. وقال: إن أهمية هذا الموضوع ترجع إلى دراسة المشاكل التي تعيشها البشرية ويعيشها المسلمون، والإعجاز القرآني جمعها في آية واحدة في قوله تعالى: «قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون» متسائلا كيف يأمن الإنسان إذا انتهكت الحرمات في «النفس والعرض، والأخلاق»، وإذا انتشر الظلم والبغي فكيف يأمن العالم مع عولمة الحروب والفساد في الأرض، وكيف يأمن العالم وهو لا يكاد يتفق على أول مقومات الاعتقاد الصحيح، أما الرابعة فالقول على الله بلا علم، يدخل فيه إنشاء المذاهب الفكرية في العالم مثل الإلحاد، والشيوعية، والعلمانية، والوجودية ونحوها. ورأى الدكتور عابد السفياني أن الأمن يفقد عند المسلمين بسبب التقليد أو التأثر بهذه الأفكار والتصورات الموجودة الآن في العالم، موضحا أن أسلوب المعالجة لكل الأخطار الموجودة الآن في العالم، أو حتى التي وقعت بين المسلمين أسلوب متنوع، منه الأسلوب العاطفي الوعظي والتربية والتوجيه وهو أسلوب مهم، ومنه أسلوب إنكار المنكرات أو البرامج العملية التي يمكن أن يقدمها المسلمون لأنفسهم وللعالم، ومنها أسلوب الفتاوى في المحافظة على الأمن وأسلوب التأصيل والحوار والمناقشة، ومنها الثواب والعقاب. وأبان أنه يشترط لتحقيق الأمن في العالم عموما، وعند المسلمين الشرط نفسه وهو السلامة من الظلم، وتحقق الهداية التي توصل إلى الأمن، ويدخل في ذلك تحقيق الإيمان والإسلام ظاهرا وباطنا، والاعتصام بجماعة المسلمين، وترك الأهواء المضلة التي هي نقض للاهتداء وترك هذه الأهواء التي أحدثتها الفرق والمذاهب الشركية، والمذاهب الفكرية المعاصرة التي تدعو إلى غير دين الإسلام، وقال: إن الشريعة الإسلامية أتت لتحقيق المصالح على التمام والكمال حتى مع النظر في تقصير الإنسان، والناس يرتفعون إلى هذا المستوى بقدر ما يبذلون فإذا صدقوا مع الله سيحققون مصالحهم الدنيوية والأخروية. وأسهب فضيلته في الحديث عن أركان وأسس الأمن الفكري، وكيف يحافظ على الأمن الفكري وما هي نواقضه، مشددا على أن الدخول في السلم كافة، أي في شرائع الإسلام كافة هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن. والأمة لن تستورد أي تجارب أخرى من العالم وليسوا بحاجة أن يستوردوا تجارب تشريعية ولا تجارب فكرية، ولا مذاهب فكرية، ولا فرقا، ولا أهواء؛ لأن المسلمين اصطفاهم الله بالحق فأمنوا واطمأنوا. وأشار إلى أن أمن المسلمين بدأ يختل لما دخلت الأهواء على المسلمين وبدأوا يمارسون ضلالات من عند أنفسهم، أو من عند غيرهم فبدأ يختل الأمن الفكري ويختل الأمن المادي لافتا إلى أن الأمن الفكري هو الذي يحفظ الأمن المادي مؤكدا أن العلاج لأي اختلال فكري أو مادي هو التسليم لنصوص الكتاب والسنة والاحتكام إلى الشرع، فالذي يجمع المسلمين هو الكتاب والسنة وهو الأصل في تحقيق الأمن، ومن الأمور التي أكد عليها القرآن في حفظ الأمن الفكري وجوب اتباع سبيل المؤمنين ولزوم جماعة المسلمين والتعاون معهم على البر والتقوى والحذر من مخالفة هذا السبيل. وأكد الدكتور عابد السفياني على ضرورة الرجوع إلى تراثنا، وإلى كتب الفقه الإسلامي، وندرس كيف انتشر الإسلام أول مرة، ونعيد دراسة قضايا الجهاد، وقضايا السلم، ونقدم معلومات صحيحة لأبنائنا، ونحتاج إلى ما يسمى بعلاج الوقاية، وإلى إعادة التوازن إلى طبيعة المسلمين، مؤكدا فضيلته انتشار الإسلام في العالم انتشارا واسعا وكذلك العلم الصحيح والحوار هو من أعظم أسباب انتشاره فالمسلمون في كل مكان في العالم يبينون ويوضحون ويعلمون الإسلام فالأمة تحتاج إلى أن ترجع إلى أصولها وتعتصم بالكتاب والسنة وتجتمع على علمائها وتوازن الأحداث. مشيرا أن القتال بين المسلمين وزعزعة الأمن لا يبرره شيء على الإطلاق مهما وقع من الإرهاب ضد المسلمين في العالم. وقال: إننا نحتاج إلى إعادة دراسة السيرة ونحتاج إلى أن ندرس الفروق بين الجهاد في صورته المثلى وبين المقاومة المشروعة في العالم وبين الغلو الذي يقع بين المسلمين، وأن يعاد بناء الأمة فكريا. وأوصى الدكتور السفياني المسلمين بالمحافظة على الأمن الفكري والعمل بمحكمات الشريعة، وترك الأهواء، والاعتصام بالسنة وأهلها، والحذر من الخلاف المذموم، وإظهار السنة، وترك الاغترار بالدنيا وفتنتها، وترك الاغترار بالتجارب الغربية، موضحا أن تكرار التجارب الغربية عند المسلمين هو سبب رئيس من أسباب ضياع الأمن الفكري.