عندما يعرف الإنسان معنى أن تكون حيا لا محنطا تكون حياته أشبه بخيال روائي محترف.. منصف المرزوقي الإنسان الذي وقف مبدأه على المطالبة بالحقوق والمناضلة من أجلها. ليست معجزة أو خوارق لكنه الإيمان العميق بالمبدأ الذي يبني الواقع ويقرب المستحيل.. ويهزم كل عائق. «من السذاجة إرادة تغيير العالم لكن من الإجرام عدم المحاولة». تلك العبارة مدخل يلتقيك كلما أردت أن تقرأ منصف المرزوقي الإنسان الذي آمن بحقوقه وناضل من أجل رسالة إنسانية.. رجل علم نفسه بنود الحقوق وناضل لأجلها واليوم هل يعلمها للشعب؟! وصل للسلطة وفي سجله أهداف نبيلة شعارات طرحها في ثنايا كتبه ومقالاته.. ومن عرف فكر هذا الرجل آمن أن تونس تنحو نحو الخير.. كل ما يحبط ويثير الخوف أن تبدل رسالته الكراسي فتكون السلطة محنطة ومفتعلة لا فاعلة.. لن تستطيع قراءة التغيير الذي سيزين تونس ويصبغ لونها أخضر لكن لا يمنع أن تفاءل بعقل سياسي إصلاحي.. «من الخراب إلى التأسيس» أحد أهم أطروحات هذا الرجل الذي قاوم الظلم وجأر بأعلى صوته مناديا للعدل والحرية.. التونسي الطبيب الذي شخص الكثير من الأمراض الاستبدادية ودعا الذاكرة الجمعية إلى أن تعي الوحل الذي تحياه في ظل مستبد خوان، المنصف أشعل في وجه الظلم مقابس من نور. وهو الساخر بألم من الوضع العربي المنحدر في حقوق الإنسان إذا يقول «ثمة فكرة سطحية عاش جيلي عليها أن العرب سيحررون فلسطين والحال أن العكس هو الذي سيحصل»! الآن يرتقي سلم الرئاسة وهو يعلق صورة بوعزيزي على صدره مؤمنا بروح حرة فتحت للأحرار بابا للتمرد على دجل السلطة، المنصف جاء ليعلم الشعب كله معنى أن تكون حرا.. كريما.. إنسانا لا يخطئ فطرته. استناده على فكرة يرددها «نريد دولة مدنية، لا نريد علمانية متطرفة مثل فرنسا ولا أصولية دكتاتورية مثل إيران، مشروعنا دولة المتدين وغير المتدين» يجعل الأفق كله مشرقا لا يخالطه سواد ظلم. اليوم يسلم الوطن نفسه مصافحا أعزل من كل شيء إلا من مقدسات الإنسانية.. منصف المرزوقي هل سينهض بالإنسان؟! أم ينهض بالسلطة فيقدم درسا من دروس تونس التي كانت الأكثر إشراقا منذ فوران الثورة؟