اوضح تقرير اقتصادي ان خسائر الأسواق المالية وتدفق المستثمرين بشكل عشوائي على الاتجار بالأسهم قد سحبت الأزمة المالية إلى منطقتنا العربية، خصوصا في الخليج، حيث يمكن القول إن المشكلة تركزت في البورصات إذا ما تمت مقارنة أداء القطاعات بعضها ببعض. وحسب تقرير اصدره (غلوبل هاوس) والذي يتخذ من ممكلة البحرين مقرا ً له وحصلت «الرياض» على نسخة منه أظهرت الأرقام أن بورصات الخليج قد خسرت في شهري سبتمبر وأكتوبر الماضيين نحو 250 مليار دولار، الأمر الذي يؤكد مرة أخرى على أهمية توجيه السيولة نحو القطاعات الإنتاجية كالصناعة مثلا، خصوصا مع توافر المواد الأولية في المنطقة. واضاف التقرير بأنه من «المأساة» إبقاء الأموال (السيولة) حبيسة في أسهم وأوراق هبطت أسعارها ووصلت إلى القاع، وأصبحت تتداول بأقل من قيمها الدفترية في بعض أسواق الخليج، في وقت يمكن توظيفها في مشروعات تساهم بشكل مباشر في التنمية المستدامة، التي توفر مصادر دخل جديدة، فضلا عن قدرتها على تأمين مزيد من فرص العمل التي بات وجودها شحيحا مع تسلل الكساد نحو المنطقة. وما زال المجال مفتوحا للإصلاح، فأسعار النفط على الرغم من تراجعها منذ يوليو (تموز) الماضي بنسبة 66%، إلا أنها فوق تقديرات الميزانيات الحكومية، بما يعني مزيدا من الأموال المتدفقة. والجميع يعلم بأن دول الخليج (باستثناء دبي) تعتمد على النفط كمصدر رئيسي لإيراداتها. كما يمكن الاعتماد على بعض النماذج الناجحة في الأعمال، كقطاع الصيرفة الإسلامية، الذي بقي بمنأى عن الأزمة المالية التي تعصف بالعالم. وتساءل التقرير هنا.. لماذا تصر معظم الشركات والمؤسسات بمختلف أنواعها على الاستثمار في البورصات والأوراق المالية في حين هناك قطاعات كثيرة توفر فرصا استثمارية ذات عوائد مجزية وثابتة وقليلة المخاطر؟ فضلا عن أنها تساهم في تنمية المجتمعات. ونحن نعتقد بأن القطاع الخاص في المنطقة ابتعد كثيرا عن الدور التنموي المناط به والذي كان من المفروض ان يكون قائدا له، بما يعني اتساع الفجوة بين برامج الحكومات وبين توجه العديد من الشركات. الأسواق المالية تجر الأزمة إلى الخليج فقدت أسواق الأوراق المالية في دول مجلس التعاون الخليجي نحو 47.8% من قيمتها السوقية منذ مطلع العام الجاري وحتى نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول)، حيث خسرت حوالي 541 مليار دولار للتراجع من 1132.5 مليار إلى 591.5 ملياراً، تركزت معظمها في شهر أكتوبر الماضي بواقع 372 مليار دولار. وجاءت السوق السعودية –اكبر بورصة بالعالم العربي- على رأس المتضررين حيث خسرت نحو 255.2 مليار دولار منذ بداية العام حتى نهاية أكتوبر، أي من 519 ملياراً إلى 263.8 ملياراً، تلاها سوق الإمارات بواقع 142.1 ملياراً من 257.4 مليار دولار إلى 115.3 ملياراً. ثم البورصة الكويتية التي فقدت 100.9 مليار دولار، متراجعة من 210.5 مليارات في مطلع العام 2008، إلى 109.6 مليارات، فقطر من 95.5 ملياراً إلى 64.6 ملياراً، أي بواقعاً30.9 ملياراً، ثم سلطنة عُمان التي هبطت 7.4 مليار من 23 مليارا إلى 15.6 ملياراً، وأخيرا البحرين من 27 مليارا إلى 23.1 مليار، أي بنحو 3.9 مليارات دولار. ويمكن وصف الأسواق المالية في المنطقة ب»الهشة» بعد تلقيها رياح العاصفة المالية، خصوصا انها تفتقر إلى وجود صانعي سوق (شركات كبيرة قادرة على قيادة الأسواق وتعميق توازنها). ونعتقد ان الربع الرابع من العام الجاري سيكون المحك الحقيقي للأزمة، حيث ستظهر النتائج المالية السنوية للشركات وبالتالي رؤية الصورة بشكل أوضح. وجاءت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) على رأس قائمة الشركات الخاسرة على مستوى بورصات الخليج حيث تراجعت قيمتها السوقية من 130.9 مليار دولار، إلى 44.6 ملياراً أي بنسبة 66%، تلاها مصرف الراجحي السعودي من 44.5 ملياراً إلى 24.2 ملياراً، (45.6%)، ثم شركة اتصالات السعودية من 43.3 ملياراً إلى 30 مليارا، (30.7%)، فشركة الاتصالات الإماراتية (اتصالات) من 31.9 مليار دولار إلى 20.7 ملياراً، (35.2%). إرجاء الاكتتابات وأدى تراجع أحجام السيولة في الأسواق المالية إلى إحجام الشركات عن طرح اكتتابات سواء جديدة أو عمليات زيادة رؤوس الأموال، فأسعار الأسهم وصلت إلى مستويات متدنية جدا، الأمر الذي حوّل جزءا كبيرا من أموال المستثمرين إلى سيولة حبيسة في أسهم هبطت أسعارها. وبطبيعة الحال أرجأت الأزمة العالمية عشرات الاكتتابات في أسواق الخليج، حيث باتت الشركات تنتظر اتضاح الرؤية فضلا عن انقضاء الوقت وبدء انشغالها بإعداد الميزانيات والقوائم المالية المتعلقة بنهاية العام الجاري. ونرى ان الإدارة الأمريكيةالجديدة بقيادة باراك اوباما ستبدأ مع مطلع العام المقبل بتنفيذ خططها القاضية بحل الأزمة المالية والتي أعلن عنها سابقا، والتي نتأمل ان تظهر نتائجها الإيجابية على الأسواق الدولية بما فيها الخليج. ويعتمد العالم على تأكيدات وتلميحات اوباما، التي أشارت إلى انه سيبدأ بإصلاح البيت الداخلي (الأسواق الأمريكية) قبل الإلتفات الى ما يجري في العراق وافغانستان... فالأمريكي الذي أدلى بصوته الى المرشح الديمقراطي ينتظر حلولا على أرض الواقع. وهذا سينعكس على بقية الأسواق خصوصا ان أمريكا منبع المشكلة المالية. ونتوقع بأن إرجاء الإكتتابات الى الربع الأول من العام المقبل، والذي سيشهد زخما في الطروحات، وبالتالي الكثير من الأمل، قرارا صائبا وحكيما سيجنب المؤسسات بعض الإخفاق. يذكر ان أسواق الخليج شهدت في الربع الأول من العام الجاري 8 إصدارات أولية بلغت قيمتها حوالي 4 مليارات دولار، استقطبت سوق الأسهم السعودية 5 طروحات منها بقيمة وصلت إلى 3.3 مليارات دولار، فيما استحوذت الإمارات على اكتتابين بقيمة 176 مليون دولار، وقطر اكتتاب واحد بقيمة 511 مليون دولار، أما العام 2007 فقد تم طرح 33 اكتتابا على مستوى الخليج بقيمة بلغت 12 مليار دولار. العقارات في مركز الضغط قد يكون القطاع العقاري الأكثر تضررا من الأزمة المالية، فهو لم يعد قادرا على الاقتراض بسهولة في ظل رفع وتيرة احتياطيات البنوك والتشدد في الضمانات، فضلا عن غياب السيولة من الأسواق. ولم نسمع، كما في النصف الأول من العام الجاري، والسنوات الماضية، عن مشروعات ضخمة تطلق هنا أو هناك، كما ان الحكومات هي الأخرى قررت التريث –على ما يبدو- في تنفيذ المشروعات الخدمية والبنية التحتية سواء التي سبق الإعلان عنها أو أخرى جديدة. ونعتقد بأن المزيد من أفكار المشروعات ستتوقف منتظرة تطورات الأسواق العالمية، خصوصا في قطاع التمويل. ولكن ما حدث في السوق العقارية هو حالة تصحيحية إيجابية للأوضاع غير الطبيعية التي سادت منطقة الخليج، سواء من حيث الأسعار أو نوعية المشروعات والفئة الموجهة إليها، ومن المعلوم أن أسعار المباني والمواد الإنشائية فاقت في الفترة الأخيرة المنطق، ووصلت إلى سقف غير مبرر، ساهمت فيه بشكل رئيسي المضاربات غير الطبيعية، خصوصا مع دخول البنوك والشركات المالية ومن ثم تبعهم بعض الأفراد المقتدرين إلى اللعبة التي أضرت بالمستهلك النهائي الباحث عن المسكن. وفي خضم هذه التفاصيل، ندعو شركات التطوير العقاري إلى التوجه نحو المشروعات الإسكانية بدلا من التركيز على الأنواع الأخرى كالتجارية والسياحية، وإستهداف الطبقة الوسطى وذوي الدخول المحدودة في المجتمعات، وباستغلال خدمات الرهن العقاري، الأمر الذي يساهم بشكل فعّال في التنمية، فضلا عن تحقيق هامش ربحي معقول كون هذه الفئات هي الأشد حاجة للمساكن. وتشير الإحصاءات إلى أن منطقة الخليج تحتاج إلى ما يعادل 5 ملايين وحدة سكنية خلال السنوات العشر المقبلة. وبحسب تقرير ل»جلف نيوز» فأن النقص في العقار السكني سيبلغ نحو 2.1 مليون وحدة سكنية، إذا ما علمنا أن هناك حوالي 2.9 مليون وحدة من المنتظر تسليمها خلال نفس الفترة (5 سنوات). وقال بحث ل»الفاينانشال تايمز» إن الوحدات العقارية الفخمة باتت متوافرة بل وأشبعت السوق، بينما لا يزال نقص ملحوظ في الوحدات السكنية لذوي الدخل المتوسط والمحدود، والتي تشهد طلبا كبيرا. وسيؤدي ذلك –أي عقب انتهاء حركة التصحيح في الأسواق– إلى التأثير وبشكل مباشر وإيجابي على مستوى كلفة تأجير المساكن والمكاتب، التي زادت هي الأخرى بنسبة فلكية، حيث سيزداد العرض وبالتالي انخفاض الأسعار، ما يؤثر على مستوى التضخم الذي تعاني منه دول الخليج. وطال الهبوط أسعار العقارات في مختلف المناطق بالخليج، وقد تكون دبي مثالا لهذه الحالة، حيث قال تقرير حديث لبنك «اتش.اس.بي.سي» ان أسعار الشقق السكنية في مركز دبي المالي العالمي تراجعت بنسبة 30%، وهو ما أكدته بعض الشركات العقارية نفسها، فمثلا قالت شركة الجبل العقارية ان أسعار العقارات تراجعت بين 30% و35% في دبي منذ سبتمبر. قوة اقتصاديات المنطقة تتمتع اقتصاديات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بقاعدة اقتصادية متينة قائمة على قواعد ثابتة ما يجعلها قادرة على مواصلة النمو. وتظهر بيانات صندوق النقد الدولي التي عدّلها مؤخراً تماشيا مع تداعيات الأزمة المالية، أن المنطقة ستواصل نموها ولكن بوتيرة أقل عن التوقعات السابقة، حيث توقع نمو اقتصاديات دول الخليج بنسبة تتراوح بين 5% و8%، وهي أقل من التوقعات السابقة التي كانت تشير إلى 10% و12%، لكنها ستبقى أكثر بكثير من توقعات النمو في الدول الأوروبية والولايات المتحدةالأمريكية التي ستنخفض إلى ما بين صفر و1% على أكبر تقدير. وتشير البيانات إلى أن حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ستنمو إلى 5% في العام 2008، قياسا بنحو 3% في مطلع العام 2001، فضلا عن اعتدال التضخم في الربع الأخير من العام الجاري وفي 2009، حيث من المتوقع له أن ينخفض العام المقبل في دول الخليج من 11,5% إلى 10%، ومن 14,4% إلى 12,7% في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل عام. وسيؤدي هذا النشاط إلى تحفيز الإنفاق الاستهلاكي الذي شهد تباطؤاً مؤقتاً هذا العام، كما سيخفف من آثار انخفاض صادرات المنتجات السلعية. وتعتبر النظم المالية في دول المنطقة أكثر متانة من مثيلاتها في الدول المتقدمة وتلك الناشئة الأخرى، وذلك بفضل ضآلة تعرضها لمخاطر الأسواق العالمية والأصول العالية المخاطر، فضلا عن تركيزها على الأنشطة المصرفية الأساسية مع تطبيق معايير ائتمانية رصينة. ويظهر ذلك جليا من خلال انخفاض معدل القروض غير العاملة (خاصة في دول الخليج) مقارنة بأسواق العالم الأخرى، يضاف إلى ذلك صعود فوائض الحساب الجاري لدول الخليج ليبلغ 368 مليار دولار في العام الجاري ونحو 312 مليارا في عام 2009، الأمر الذي يكفل توافر السيولة، وبالتالي يقلل تأثير الأزمة المالية على الإنفاق الحكومي. ومن المعلوم ان دول الخليج تعتمد بشكل كبير – مع بعض الاستثناءات كما في دبي– على صادرات النفط كمصدر رئيسي لإيراداتها، وعلى الرغم من تراجع الأسعار بمستويات قياسية بلغت منذ يوليو (تموز) الماضي 66%، (من 147 دولارا للبرميل إلى 50 دولارا) إلا أنها ما زالت فوق الأرقام المقدرة في الميزانيات العامة لدول الخليج والتي قدرت (وسط حسابي) عند مستوى 47 دولارا. الصيرفة الإسلامية بمنأى عن الأزمة من المتوقع أن تشهد الصيرفة الإسلامية رواجاً كبيراً في منطقة الخليج خلال الفترة الراهنة والمقبلة، إذ من المتوقع أن ترتفع أصول البنوك العاملة وفقا للشريعة لتتجاوز حاجز النصف تريليون دولار بحلول عام 2010 قياسا ب300 مليار دولار في 2008، وذلك تماشيا مع ما تشهده المنطقة من استراتيجيات تستهدف إلى تنويع مصادر الدخل. وعزز الأداء الجيد لهذه البنوك في الخليج من دورها التنموي سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي. ونظرا لطبيعة أعمال هذه البنوك التي لا تستخدم سعر الفائدة وتتجنب المعاملات التي تخالف مبادئ الشريعة الإسلامية، بينما تقوم بتمويل الأنشطة الاقتصادية المنتجة باستخدام عقود التمويل الإسلامي كالبيع الآجل والسلم والإجارة والمشاركة والمرابحة وغيرها من العقود الأخرى، فهي بقيت –نسبيا– بمنأى عن الأزمة المالية العالمية. ويعتبر دخول البنوك الإسلامية على القطاع العقاري وبقوة من خلال تقديم التمويلات اللازمة، مساهمة كبيرة في دعم الطفرة العقارية في منطقة الخليج من جهة، وتخفيف أعباء المعيشة بالنسبة للمواطنين من جهة أخرى. يشار إلى أن الصكوك والسندات الإسلامية أحد أهم الأدوات المالية التي تستخدمها البنوك الإسلامية لتمويل المشروعات المختلفة، خصوصا العقارية، كونها مدعومة بأصول حقيقية وذات مخاطر منخفضة. وقدر حجم سوق الصكوك الإسلامية في الخليج العام الماضي بنحو 32 مليار دولار، ومن المتوقع لها أن تتجاوز حاجز ال46 مليارا خلال 2008. دبي تقاوم الأزمة.. وتقدم نموذجا يحتذى كانت دولة الإمارات أول المبادرين من بين دول الخليج، في التحرك نحو وضع الخطط لمواجهة الأزمة المالية، حيث ضخت وعلى وجبات نحو 39.5 مليار دولار في قطاعها المصرفي وضمنت جميع الودائع في بنوك البلاد، وأقرت حزمة من الإجراءات الكفيلة بضبط السوق. وشكلت حكومة دبي مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) لجنة تشرف على المشروعات العقارية المستقبلية وسط مخاوف بشأن تباطؤ السوق العقارية، بهدف ضمان الإمداد في المستقبل. وكلف نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، المجلس الاستشاري لحكومة دبي، الذي شكل حديثاً بمهمة الإشراف على الشؤون والقطاعات الرئيسية في الإمارة. وسيشرف المجلس على مواجهة تأثيرات الأزمة المالية العالمية على الإمارة في عدد من القطاعات الرئيسية بينها الشؤون المالية الحكومية، وقطاع العقارات، والقطاع المصرفي، وأسواق الأسهم. ويمثل المجلس خطوة مهمة بهدف ضمان النمو والاستقرار على المدى البعيد في الكثير من الأنشطة والقطاعات الرئيسية بالإمارة. وتتضمن المهمة دراسة ومتابعة أوضاع جميع القطاعات ومساعدتها، في حين يأتي في مقدمة مهامه الإشراف عن كثب على أوضاع ومشروعات سوق العقارات في الإمارة ويراقب توجهاتها الحالية والمستقبلية من أجل ضمان توازن واستقرار القطاع. والإشراف على القطاع العقاري سيكون بالتعاون مع شركات التطوير الثلاث الأضخم في دبي والتي تقف وراء نحو 70% من المشروعات العقارية، إلى جانب الشركات الخاصة العاملة في هذا المجال في الإمارة. وسيضمن المجلس الاستشاري إدارة معادلة العرض والطلب حالياً ومستقبلاً بشكل صحيح ومتوازن، في الوقت الذي تواصل فيه دبي استقطاب المستثمرين الدوليين والمختصين الراغبين بالمشاركة في مسيرة النجاح والتميز التي تشهدها الإمارة. وتأكيداً على التزام الحكومة المتواصل بتلبية جميع الاحتياجات وبالحديث عن مسألة ديون دبي وإعادة التمويل، أوضح المجلس أن التزامات الديون السيادية للحكومة تشكل هامشاً ضئيلاً من القيمة الإجمالية لأصول الحكومة. وأكد مجدداً أن قروض دبي لا تستخدم لتغطية الإنفاق الحكومي أو دعم الاستهلاك، بل تُستثمر في تمويل مشروعات البنية التحتية طويلة الأمد الخالية من المخاطر. وبلغ إجمالي قيمة الديون السيادية لحكومة دبي 10 مليارات دولار، وتشير التقديرات الأولية إلى أن إجمالي قيمة الأصول السيادية للحكومة تتجاوز ال90 مليار دولار، ولا تشمل هذه التقديرات المطارات أو الجسور ولا حتى قطار دبي. وتصل قيمة الديون المترتبة على الشركات التابعة إلى 70 مليار دولار، مقارنة بأصول تقدر قيمتها ب260 مليار دولار وتفوق كثيراً القيمة الإجمالية لأصول الحكومة والشركات التابعة لها مبلغ 1.3 تريليون درهم (354 مليار دولار)، وأكدت حكومة دبي مرارا أنها قادرة على الإيفاء بكافة التزاماتها المالية. لكن على دبي البحث عن منافذ استثمارية بديلة غير الأسواق المالية، والعقار التي باتت مسيطرة – نسبيا - على سوقها، فمع توافر الإرادة الحقيقية والتنظيمات والقوانين المتقدمة والمرنة وبالإستفادة من المكانة التي تحتلها عالميا، فأنه بإمكانها ان تكون مركزا للصيرفة الإسلامية، الطاقة، التكنولوجيا، الصناعات الغذائية، التعليم ... الخ. واخير يرى البيت العالمي أن البورصات هي من جلب تداعيات الأزمة المالية العالمية إلى دول الخليج، وبالتالي فأن التأثير كان على «الورق» وعلى «الثقة»، فالأصول والموجودات الحسية ما زالت كما هي. والخسائر التي سجلتها الأسواق المالية الخليجية منذ مطلع العام حتى إعداد التقرير والبالغة نحو 47.8% من قيمتها السوقية، خير دليل على هشاشتها، خصوصا إذا ما تمت مقارنتها بالقطاعات الأخرى التي تعطلت أو تباطأ نموها، لكنها بقيت صامدة ومستمرة. لذا نعتقد أنه من الأهمية توجيه السيولة نحو القطاعات الإنتاجية، خصوصا مع توافر المواد الأولية في المنطقة، والتركيز على المشروعات ذات القيمة المضافة والعوائد المجزية وقليلة المخاطر، والتي من شأنها المساهمة في التنمية المستدامة وتوفير فرص العمل. إن ما حدث في السوق العقارية هو حالة تصحيحية إيجابية للأوضاع غير الطبيعية التي كانت سائدة، ونتوقع مزيدا من انخفاض الأسعار، كما ان ذلك سيؤثر على معدل الإيجارات، وبالتالي تحسن مستوى التضخم. وعلى شركات التطوير العقاري التوجه نحو المشروعات الإسكانية، التي تستهدف الطبقتين الوسطى وذوي الدخول المحدودة، كونها الفئات الأشد حاجة للمساكن، بالنظر للسوق السعودية المتعطشة لمثل هذه المشروعات. ونلاحظ ان اقتصاديات المنطقة، على الرغم من صعوبة الأزمة المالية، آخذة بالنمو ولكن بوتيرة أقل، لكنها تبقى الأعلى على المستوى العالمي، فهي قائمة على قاعدة متينة وتتمتع بثروات طبيعية داعمة للنمو حتى وان تراجعت أسعار النفط.