«1» حاول كثير من الكتاب والكاتبات، إيضاح أن ال«خرافات» التي تحيط بمصطلحات «شباب الفيس بوك» أو «ثورة الفيس بوك» أو «شباب تويتر» و«جيل الإنترنت» وغيرها، ما هي إلا إسقاط لأحلام ثورية يراد لها أن تكون. إنه وهم أن يتصف جيل كامل بصفة واحدة جامعة، وكأنه جيل موحد المرجعيات الثقافية والتطلعات. ما يخيب القلب أننا فشلنا في كل إيضاحاتنا لإثبات ما سبق، ليس لضعف الدليل، وإنما لقوة الأمل والحلم عند الطرف الآخر، رغم أنني أرى بوضوح أن ترسيخ تلك الصفة الخرافية يراد منه قيادة هذا الجيل وتوجيهه لا شعوريا إلى أهداف سياسية بحتة، ويستغل في هذا عدم معرفة جيل المثقفين الكبار بالإنترنت وعوالمه، فلا يرد في بالهم سوى «وادي عبقر» عندما تتحدث عن «الفيس بوك»! هنا آتي بإيضاحين، أعتقد أنهما نجحا في إثبات ذلك. «2» الأول هو عدد من أعداد مجلة العربي، كور موضوع الاتصالات الحديثة وتأثيرها في أحشائه، قائلا إن ميزتها الأولى أنها فوضوية، خاصة الإنترنت. إنها لا تملك هدفا، أنها معلومات متناثرة لا تأتي إلا بطلبها، وهي أكاديميا غير معترف بها وليست معتمدة. هي ليست «حزمة ضوء». إنها «قابلية» فقط؛ وجود معلومات متناقضة لا حصر لها، سلة لا يمكن التفريق فيها بين الغث والسمين، فهذا التفريق يعتمد فقط على ذهنية المستخدم لها، أو طالبها، وما يريده منها. بالتالي، لا يمكن توحيد جيل كامل تحت صفة ثقافية واحدة اتكاء على استخدامه للاتصالات الحديثة، فهي ليست مرجعية ثقافية للخلق، إنها شاشة لعرض الموجود مسبقا. «3» الإيضاح الثاني يأتي من المفكر عبدالسلام بن عبدالعالي، الذي يقول إن الأجيال المتأخرة دخلت مرحلة «البلاهة»، بمعنى أنها تكتسب الأفكار جاهزة ومعلبة؛ فهذا «الجيل» يؤمن بها دون الدخول في مرحلة النقد والمناقشة، والاقتناع الحقيقي بعد ذلك. بالتالي، لا يمكن وصفها بالجاهلة، فهي عالمة، لأن العلم يحارب الجهل ويبدده، ولكن «البلاهة» لا تحارب بالعلم، فهي تتقدم بتقدمه وتتطور معه! إذ إنها القبول بأي شيء وكل شيء يعمل على تسويقه أيا كان، ولهذا تجد قلب الرأي وعكس التوجه أسهل من رشفة البيبسي!. فإذا كانت «الأمية» تطلق قديما على من لا يعرف القراءة والكتابة، فهي الآن تطلق على من يغيب عن حضرة الكمبيوتر ويجهل عوالمه. أيضا مفهوم «الجهل» تطور من كونه ضد العلم، إلى كونه «خليله» باسم آخر هو: البلاهة. لكن المفكر عبدالعالي لم يذكر الحل أو المخرج من هذا المأزق. «4» أن تتمرد وتثور ليس بسهولة إنشاء صفحة «فيس بوك»، وإنما بصعوبة إنشاء صفحة ذهنية.. هل تعرف أن لك ذهنا؟!