طوال سنوات، حاولت رسم معادلة نمطية أتنبأ من خلالها بالطريقة التي يتناول فيها كتاب الصحف والمثقفون موضوع العيد، وفي النهاية يبدو أني نجحت في خلق واحدة. يبدأ الأمر بمنحنى يرسمه أحد الكتاب بمقال يحمل عنوانه بيت المتنبي الشهير «عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ - بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ». ولا يحتاج الأمر لأن أخبركم كيف يمتد المنحنى ليشمل الجميع، بما يشبه موجة الاكتئاب الجمعي، الكل يُسائل العيد، بملامح متجهمة: لماذا لم تعد كما في السابق؟.. «ليش كذا؟».. بطريقة تشعر معها بأن الكاتب كان أحد أولئك الذين يوزعون «حلاوة العيد» إلى جانب الطعام المعلب على قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية. وبغض النظر عن كون هذا الفعل سيشعر هتلر بعدم الرضى أم لا، أتساءل بأسى: لماذا لم تكن جذورهم تمتد فعلا إلى ذلك الوقت؟ لماذا لم يقض هتلر على المثقفين؟ فجأة أتذكر.. أنه العيد، وأخفي مشاعر الكراهية جانبا، وأعود للحديث عن المنحنى. في العيد التالي يبدأ الكتاب والمثقفون - والذين قتلوا عيد البشر في المرة السابقة - بالحديث بأمل عن عيد هذا العام، وعن الفرح، وعن ابتسامة الأطفال وحلاوة العيد!. ويسنون أقلامهم تجاه أولئك المتذمرين والذين يكتبون في كل عيد: «عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ - بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ»، راسمين بذلك منحنى جديدا معاكسا تماما للمنحنى الذي رسموه في العيد الماضي. وهكذا تتعاقب المواضيع المستخدمة للكتابة عن العيد، مرة بعد مرة بطريقة يغادر فيها المنطق تاركا ورقة صغيرة كتب فيها: «ما راح ألعب معكم مرة ثانية». أما أنا فسأحاول رسم شكل بيضاوي باستخدام المنحنيين، سأقول: «عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ؟»، وسأشتمني وأشتم المتنبي على تعكيرنا أجواء الفرح هذا اليوم. سأخبركم أن العيد موجود في فرحة الأطفال، وسأقول لكم إن العيد غادرنا كذلك برفقة ابتسامات الفقراء. وسأتمنى كذلك أن يقوم موقع «أمازون» بعرض خروف العيد على قائمة مبيعاته، وسأطالبكم بألا تشتروا الألعاب النارية لأولادكم لأنها خطر... إلخ.