ضمن حزمة الأوامر الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وحملت في مجملها مشروعات خير وعطاء وإصلاح وتطوير للوطن والمواطن جاء تصديه لكل ما يمكن أن يمس المال العام وتأصيل ضماناته وحصانته، وتهيئة الأسباب لمحاصرة الفساد والقضاء عليه. وأكد مستندا على الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد ومنطلقا من قول الله تعالى «ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين»، واستشعارا منه للمسؤولية الملقاة على عاتقه في حماية المال العام، ومحاربة الفساد، والقضاء عليه، على هدي كريم من مقاصد الشريعة المطهرة التي حاربت الفساد، وأوجدت الضمانات، وهيأت الأسباب لمحاصرته، وتطهير المجتمع من آثاره الخطيرة، وتبعاته الوخيمة على الدولة في مؤسساتها، وأفرادها، ومستقبل أجيالها فقد أصدر أمره في 13 / 4 / 1432ه بإنشاء «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» ترتبط بالملك مباشرة. وقال الملك في كلمته خلال افتتاح أعمال السنة الثالثة من الدورة الخامسة لمجلس الشورى أخيرا «وكنا قد أصدرنا بعد عودتنا من رحلتنا، عدة قرارات شملت قطاعات متعددة وشرائح متنوعة، نصبو من خلالها تخفيفا للأعباء وتوفيرا لأسباب الحياة الكريمة المعيشة لكل مواطن ومواطنة، حرصا منا على تعزيز العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد وتلبية لاحتياجات ومتطلبات شعبنا لينعم بحاضر كريم ويطمئن إلى مستقبل آمن لأجياله القادمة بإذن الله، ومن هذا المنبر أقول لكل الوزراء ومسؤولي الجهات الحكومية كافة، لقد اعتمدت الدولة مشاريعها الجبارة ولم تتوان في رصد المليارات لتحقيق رفاهية المواطن، والآن يحتم عليكم دوركم من المسؤولية والأمانة تجاه دينكم وإخوتكم شعب هذا الوطن الأبي ألا يتخاذل أحدكم عن الإسراع في تحقيق ما اعتمد، ولن نقبل إطلاقا أن يكون هناك تهاون من أحدكم بأي حال من الأحوال، ولن نقبل الأعذار مهما كانت. فجاء تشديده على جميع الوزراء والمسؤولين في أجهزة الدولة بتحمل الأمانة والمسؤولية تجاه دينهم أولا ثم أبناء المملكة جميعا، وتأكيده على تنفيذ ما أوكل إليهم من مهمات اعتمدت لخدمة الوطن والمواطن، وعدم قبوله عذرا بالتقصير أو التهاون. وينص نظام الهيئة على إعداد قواعد لحماية النزاهة تشمل آليات لمنح مكافآت تشجيعية مادية ومعنوية لموظفي الدولة وغيرهم ممن يؤدي اجتهادهم إلى كشف حالات الفساد أو توفير مبالغ للخزانة العامة. ويعنى التنظيم بمتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد المعتمدة بقرار مجلس الوزراء رقم 43 بتاريخ 1 / 2 / 1428ه والتحري عن أوجه الفساد المالي والإداري في عقود الأشغال العامة وعقود التشغيل والصيانة والتأكيد على حرمة المال العام ووجوب حمايته والمحافظة عليه واحترام المرافق والممتلكات العامة واقتراح الأنظمة والسياسات اللازمة لمنع الفساد وإجراء مراجعة دورية للأنظمة واللوائح النافذة لمعرفة مدى كفايتها والعمل على تطويرها. ومن اختصاصات الهيئة توفير قنوات اتصال مباشرة مع الجمهور لتلقي بلاغاتهم المتعلقة بتصرفات منطوية على الفساد والتحقق من صحتها واتخاذ ما يلزم بشأنها وذلك وفق آلية سوف تصدر في وقت لاحق، كما تتضمن اختصاصات الهيئة نشر الوعي بمفهوم الفساد وبيان أخطاره وآثاره وبأهمية حماية النزاهة وتعزيز الرقابة الذاتية وثقافة عدم التسامح مع الفساد وتشجيع مؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام على التعاون والإسهام في ذلك. هذا منهج خادم الحرمين الشريفين في السهر على مصالح المواطنين، وسعيه الحثيث في إرساء كل ما يسهم في العيش الرغيد والحياة السعيدة للمواطنين في طمأنينة واستقرار، وبسط وسائل الإصلاح والتنمية لهذه البلاد. يذكر أن المملكة من الدول التي وقعت على اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد في ديسمبر 2003 التي دخلت حيز النفاذ في 12 ديسمبر 2005 ضمن 140 دولة .