منذ أن ولد الإنسان العربي وخياراته محددة ومتشابهة إلى حد لا فرق بينها، فقد جهز له محيطه التكوين الأيدولوجي بغض النظر عن صحة هذا التكوين إلا أنه كبله بأشياء كثيرة تحت حجج ومبررات لا صلة لها دينيا, لكن لا مانع أن يحلم, ويحاول الابتعاد عن القوالب الجاهزة لصناعته كمادة خام يشكلها المجتمع ويغلب عليه السلبية دون الإيجابية, ويصنع ذاته وفق ما يراه. كيف ينبغي للمرء أن يحيا؟! سؤال قديم سمع موسيقاه سقراط, السؤال الذي ظل صداه يتردد عبر القرون لنبعثه اليوم كي ينبض من جديد, ونعيد معنى الحياة في تواز مقصود مع مخاضات الثورات. اعتقد «سقراط» أن أفضل طريقة يحيا بها البشر هي أن يركزوا على تطوير ذواتهم بدلا من السعي وراء الثروة المادية, وكأنه يشير إلى الصناعة المعنوية في بناء الإنسان قبل البناء المادي.. وكان يؤكد بمقولته «ما استحقت الحياة أن نعيشها إذا لم نتأملها جيدا», ضرورة القراءة الاجتماعية الفاحصة وتأمل هذا النسيج البشري المتنوع وما ينتجه من تغيرات وتفاعلات تكون الحياة بمجملها. كما أن فكرة أن البشر يملكون فضائل معينة كانت تشكل ميزة مشتركة في كل تعاليم «سقراط». وتمثل هذه الفضائل السمات التي يجب أن يحظى بها كل إنسان، وعلى رأسها الفضائل الفلسفية أو العقلية. السؤال الكهل أعلاه اقرأه كما تحب.. وكما تراه.. استفزازيا أو تهكميا.. أو حتى فضاء فضفاضا يشبه قرارات السلام الدولية أو وعود الإصلاحات العربية.. أو تراه عبثا، كما كوميديا الخليج وساذجا، كما ادعاءات الديمقراطية. هو السؤال الذي اجتررته من إرث سقراط كي نتشارك في صنع إجابته.. ونمنح الفرد المكبل بقيود الحياة نوعا من التفاؤل, يعيد له لون البقاء كما الحلم. أعتقد بإيمان أن الإنسان العربي الذي يدعي الحياة ميت بأحلام تتغذى من خلايا وجوده الافتراضي. سيدي العربي أجبني. كيف ينبغي للمرء أن يحيا؟ وقبل أن تجيب دع السؤال يختمر داخلك، دعه يسبر أغوار صمتك. وسيهبك عقلك الإجابة فقط عندما تثق أن عقلك وحده من يمليها عليك.