فتحت ثورة الاتصالات المعاصرة الباب واسعا لدخول الشباب في علاقات شخصية من خلال البلاك بيري وبرامج الدردشة الإنترنتية، ورغم ميزة التواصل التي تتحقق من ذلك، إلا أنه دون ضوابط، ولذلك فإن الأمر يفتح على الشبهات بالاقتراب من المحرمات. ورغم أن التعميم في الاشتباه بنوعية العلاقات، إلا أن كثيرا من المنغمسين يؤكدون تردي التواصل وقابليته الكبيرة لأن يتطور ليصبح علاقة محرمة قد تودي بمستقبل الشباب والفتيات مقابل نزوة مؤقتة انتهت وبقيت صبابتها. يؤكد الداعية الإسلامي الشيخ علي الراجحي أن الاستهانة في العلاقات بين الجنسين ودون وجود قيود من الأساس قد يجر المجتمع إلى ويلات جسيمة وتزداد خطورة هذه العلاقة والتواصل لو كانت عبر اللقاءات المباشرة أو عبر الكاميرات الإلكترونية في الإنترنت «لاشك أن الدردشات على الإنترنت بين الشباب والشابات من الأمور المنكرة التي تؤدي إلى انتشار الفاحشة، وبعض هؤلاء الشباب والشابات أصبح بينهم عشق بسبب هذه الدردشة والعلاقة بينهما محرمة، فالعشق مرض يدمر قلب أهله، ويقودهم إلى الفحشاء والمنكر، ولا يزال الشيطان ينصب حبائله ويمهد الطرق حتى تقع الفاحشة فينال كل واحد مبتغاه من صاحبه». ويضيف «في هذا الأمر من المحاذير الشيء الكثير، فمنه الاعتداء على أعراض الناس، وخيانة الأمانة، والخلوة، والملامسة، والتقبيل، والكلام الفاحش، ثم الفاحشة العظيمة التي تكون في نهاية هذا الطريق وهي فاحشة الزنا». مشكلات الابتزاز ويشير الراجحي إلى أن «العلاج في أن يلتفت الإنسان لنفسه فيربيها على طاعة الله تعالى ومراقبته، وأن يتقي الله في أعراض الناس، وأن يعمل ليوم يلقى فيه ربه بأعماله، وأن يتذكر فضيحة الدنيا والآخرة، وأن يعلم أن عنده أخوات وسيكون عنده زوجة وبنات فهل يرضى لواحدة منهن ما يفعله هو ببنات المسلمين؟ الجواب: قطعا لا يرضى، فكذلك الناس لا يرضون، وأعلم أنك قد ترى نتائج معاصيك هذه في بعض أهلك عقوبة لك من ربك تبارك وتعالى». ويوضح أن كثيرا من مشكلات الابتزاز بدأت نتيجة إهمال الفتاة وعدم تحرزها من التواصل مع الجنس الآخر، وعلى الفتيات أن يعوضن ذلك بالأصل مع الموثوقات من بني جنسهن، وأن تحرص على الصحبة الصالحة، وإشغال النفس بما يحب الله ويرضى، والاهتمام بمعالي الأمور، والزهد في رذائل الأمور وسوافلها، وأن يستغل الشباب أوقاتهم في طاعة الله «ننصح الشباب بالزواج من النساء الصالحات اللاتي يحفظن بيوتهن، وتساعده على الالتزام بشرع الله تعالى، وتحفظ الأولاد وتربيهم على الخلق والدين، ودعوا من رضيت لنفسها أن تخرج مع أجنبي يحرم عليها مقابلته، والحديث معه، ومن رضيت لنفسها هذا فما الذي سيمنعها منه مستقبلا؟». ويبين الراجحي أن الزنا ليس فقط في الفرج، بل العين تزني، والأذن تزني، واليد تزني، والرجل تزني، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكل ذلك تمهيد لزنا الفرج، فلا يغرنك الشيطان، فإنه عدو لك، يريد لك الشر والسوء ويأمرك بالفحشاء والمنكر. كيفية المعالجة من جانبه رفض الشيخ محمد السلطان عضو الدعوة سابقا أن تتم علاقات بين الجنسين دون معرفة الأهل إلا في الحدود الضيقة، وهو أمر ينبغي التوقف عنده والتمحيص في فاعليته خاصة مع تنامي ظواهر مختلفة تتعلق بالابتزاز الجنسي للفتيات وجرهن نحو الرذيلة، مما يجعل فكرة التواصل دون وجود أطر تؤطر هذه العلاقة وتجعلها بعيدة عن الشك والتردد. ووافق الشيخ السلطان على إمكانية وجود هذه العلاقة، لكن في حدود اللياقة والتواصل البريء دون خدش للحياء والفطرة، وهو في حقيقة الأمر ليس كثيرا بل أعداد معدودة، ومن المهم أن تتوفر الرقابة الذاتية لدى الشاب والفتاة، وأن تتم معالجة هذا الخلل إن وجد سيدفع بهذه العلاقة نحو أبواب لا تحمد عقباها. وحول الضوابط في التواصل بين الجنسين عبر الإنترنت أو الأجهزة الكفية المتطورة كالبلاك بيري مثلا، قال السلطان «لا أفضل أن يكون هناك تواصل ابتداء إلا في حدود ضيقة كما ذكرت، ويجب أن يتحلى كلا الطرفين بالأمانة والنزاهة، وألا يكون الحديث بوابة نحو الوقوع في الرذيلة وهو أمر ذو أهمية قصوى، ومن المناسب أن يكون هذا التواصل مع الوقت مبنيا على الاحترام المتبادل، وأن يحدد بشكل أدق المحاذير التي يمكن أن تحصل».