أثار دور واشنطن في الحرب التي اندلعت منذ ما يقرب من ستة أشهر في ليبيا، جدلا واسعا بين صقور واشنطن والخبراء والمحللين السياسيين الأمريكيين حول مثل هذا النموذج الجديد الذي يتبناه الرئيس باراك أوباما للتدخل العسكري لتغيير أنظمة الحكم «غير المرغوب فيها» في العالم، حسب تقرير لوكالة أنباء إنتربريس سيرفس أعده محررها جيم لوب. وكان هذا الجدل بدأ بالفعل حين أفاد مسؤول في الإدارة الأمريكية مجلة «نيويوركر»، إبريل الماضي، أن أوباما يعمل على وضع استراتيجية واعية «للقيادة من الوراء»، يدفع بموجبها الآخرين للعمل من أجل تحقيق النتيجة التي تريدها واشنطن، ولكن دون أن تظهر أمريكا بمظهر من يدبر الأمور ويحركها. وقال هذا المستشار السياسي للمجلة إنه خلافا لرؤية «جون واين لأمريكا في العالم، هناك ثمة اختلاف بين نهج أوباما بالعمل في هدوء متعدد الأطراف، وبين أحادية راعي البقر التي اتبعها جورج بوش وخاصة غزو العراق». ووجدت استراتيجية «القيادة من الوراء» أصداء واسعة بين المحافظين الجدد وصقور واشنطن الذين يعتبرونها دلالة على ضعف نهج أوباما أمام العالم. وتحولت هذه العبارة على ضوء انتقال الصراع في ليبيا إلى طريق مسدود في الأشهر التي تلت البدء في التحدث عن مثل هذه الاستراتيجية الجديدة، إلى شعار للمتشددين في واشنطن، دأب مرشحو الرئاسة عن الحزب الجمهوري والمحللون والمعلقون اليمينيون على ترديده بلهجة ساخرة. لكن الظاهر الآن هو أن هزيمة القذافي الوشيكة قلبت الأمور رأسا علي عقب. فقد قال بعض المحللين إن نجاح استراتيجية واشنطن في ليبيا يسجل «مرحلة جديدة في السياسة الخارجية. لقد كان الليبيون أنفسهم، بمساعدة كبيرة من حلف الأطلسي وقطر والإمارات، هم الذين حرروا بلادهم من قبضة القذافي». وردد نائب مستشار الأمن القومي بن رودس هذا التحليل مشيرا إلى اختلاف مسيرة الثوار في طرابلس، عن تلك «الحالات التي يكون فيها المحتل حكومة أجنبية». وقالت تقارير إن الرئيس أوباما ركز في بداية التدخل بليبيا على أمرين هما: «قناعتنا بشرعية وفاعلية تغيير النظام نتيجة للتحرك السياسي لأهالي البلاد أكثر من قبل أمريكا أو أي قوى أجنبية. وثانيا تقاسم الأعباء حتى لا تتحمل أمريكا وحدها وطأة العبء وبحيث يجري الاعتماد على دعم دولي عادل للجهد، وكذلك مشاركات دولية ذات مغزى».