لا ينسى جمهور الكرة السعودية، يوم أن أبكى مالك معاذ اليابانيين وأضحك بني وطنه، لما أذهل حينذاك «منتخب الحاسوب» بهدفين سريعين بينهما عشر دقائق فقط، وقضى على آماله ببلوغ نهائي كأس آسيا 2007، في مباراة جرت في فيتنام بتاريخ 25 يوليو. قبل ستة أعوام، كاد يكون مالك ضمن تشكيلة التعاون؛ لأنه لم يكن مقنعا للأهلاويين، إلى أن حوله المدرب الصربي نيبوشا موسكوفيتش مهاجما «مزعجا»، أظهر مواهبه لاحقا مع مرحلة الإثبات العملي في «آسيا 2007». سمة الإضحاك وصناعة الابتسامة من فرط التلقائية وبساطة التعامل، لا تزال من أهم صفات الدولي السابق مالك معاذ. ويشهد زملاؤه في الأهلي، خلال سبع سنوات أمضاها معهم - قبل الموافقة على إعارته موسما كرويا حاليا مع النصر – بقدرته الفائقة على صنع «الفرفشة»، في أي موقع يلتقي فيه اللاعبون: ميدان التدريب، غرف الملابس، أسياب النادي، ملعب المباراة، المعسكرات، وغيرها من المواقع. إلا أن النجم المبتسم تحول بين عشية وضحاها إلى «مالك الحزين»، وكأنه يذكر الناس برواية شهيرة تحمل نفس الاسم، للروائي المصري إبراهيم أصلان. في مطلع فبراير 2009، لقي شقيقه سلطان معاذ لاعب الأنصار حتفه، إثر حادث مروري في المدينةالمنورة، وبعد ذلك بشهرين انشغل أسريا بوفاة جد زوجته. وفاة شقيقه كسرت «إيقاعه الضاحك» نوعيا، وكأنه كان محسودا على ابتسامته، وكسرته في الملعب أيضا، حين بدأ منذ ذلك الوقت رحلة الهبوط والانحدار. أوج البكاء بكى مالك معاذ في الموسم التالي لذلك الانكسار، كما لم يبك من قبل، وأبكى مختلف المدرجات الجماهيرية بمختلف ألوانها، حين استبدله البرازيلي سيرجيو فارياس في الحصة الثانية من نصف نهائي كأس ولي العهد أمام الشباب في الرياض، بتاريخ 14 فبراير 2010، وبكى أكثر واحتضنه الرئيس الأمير فهد بن خالد في مشهد درامي، لما خطف زميله البديل عبدالرحيم جيزاوي التعادل، وزاد بكاؤه حينما بلغ الأهلي النهائي عبر الترجيح، رغم أن بديله الشاب ياسر الفهمي أضاع إحدى ركلات الأهلي. علاقة غريبة ومدهشة بين فقدان مالك لشقيقه سلطان، ولبكائه في مباراة الشباب، يفسرها حدوث الوضعيتين في شهر واحد. إنه فبراير الذي ربما لم ينتبه له مالك نفسه، والفرق بين الحدثين عام وأسبوعين! ولنا نضيف إلى تاريخ البكاء والانكسارات، حدثا آخر له تأثيره على «صانع حين الفرح». غادر جده الدنيا هذا العام، في 28 إبريل الماضي. غادر من ربّاه مع إخوته، ولا يلام مالك، إن أسهمت تلك الوفاة، في زيادة آلامه و«انهياراته». وبعد 11 يوما فقط من تقبله لخبر الوفاة والعزاء بين أهله، فوجئ مالك معاذ بإيقافه حتى نهاية الموسم، من قبل الجهاز الفني الأهلاوي بقيادة المدرب الصربي أليكس أليتش، رغم أن الموسم وقتها لم يتبق له سوى القليل جدا. للمدرب أليكس، مساعد مواطنه ميلوفان راييفيتش وبديله بعد رحيله المفاجئ، الحق في إبداء الرأي الفني المناسب، وله الحق أيضا في تأكيد تقييمه، حين لمس عدم جديته في التدريبات. لكن هناك جزئية ترتبط بنجم جماهيري، يجب أن تعلق على عنق إدارة الفريق، وحتى إدارة النادي، لمعرفة كيف يمكن أن يتجاوز نجم أجاد كثيرا صناعة الفرح، مرحلة أحزانه وانكساراته؟ نقطة تستحق الانتباه: صربي صنع «قوة مالك»، وصربي آخر أحاله إلى «الهامش»، والآن يعيش عمرا كرويا جديدا، ينتظر معاني إثماره قبل الجماهير. آمال العودة ب«درب الزلق» لا ينسى الهلاليون، قبل الأهلاويين والنصراويين «حاليا»، هدفا أحرزه مالك معاذ في مرمى الهلال بالدوري، ضمن موسم 2007/2008. المباراة جرت في الرياض بتاريخ 2 يناير 2008، فاز فيها الأهلي 3/1. في تلك المباراة، لا أحد يتذكر هدفي البرازيلي فال بايانو، وإنما هدف مالك الذي أطلق عليه مسمى «درب الزلق»، في إشارة إلى المسلسل الكويتي الشهير. في تلك الليلة، تجاوز مالك مدافعي الهلال ماجد المرشدي وفهد المفرج، على طريقة التخطي المتعرج في الطرقات السريعة، وأودع هدفه المرمى أمام ناظري خالد عزيز وتفاريس المدهوشين. مالك الذي يخوض حاليا موسم إعارة مع النصر، يشبِّع المدرجات الصفراء بحلم إعادة تلك الحلقة الزرقاء من «درب الزلق»، على الأقل من خلال استحقاقات هذا الموسم أمام «جار العريجاء». لكن للحقيقة، هاجمت شريحة – ربما محدودة – من جماهير النصر إدارة ناديها، بعد إعلان صفقة مالك في 5 سبتمبر الجاري، وطالبت بإعطاء الفرصة لهدف الدوري الممتاز للشباب تركي سفياني وزميله أحمد الجيزاني، إضافة إلى ريان بلال ومحمد السهلاوي، بدل البحث عن «إشكاليات مالك». شريحة نصراوية أخرى – ربما تكون أكبر قليلا - تحدوها الآمال بإمكانية عودة «صانع الفرح»، إلى مشهده المعتاد في صناعة الإمتاع ب«الأهداف والإضحاك وارتداء الأقنعة الباسمة»، كتقليد اعتاده، عندما يريد أن تثور المدرجات ابتهاجا وامتنانا. سبق حضور معاذ إلى النصر عدد من الأهلاويين في المواسم الأخيرة، وكانت البداية عبر المحور فهد الزهراني، ثم المهاجم طلال المشعل، إلى جانب استمرار القائد الحالي حسين عبدالغني والمدافع محمد عيد. استفادة النصر من هذا الرباعي تتباين، ما بين استحسان واستياء.. أي مصير ينتظر مالك بين الحالتين؟