التوجيه الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين للجهات الحكومية بسرعة الرد على ما يكتب عنها لا شك أنه أمر مهم، فالكثير من الجهات الحكومية تنتقد، لكن مع ذلك كله لا أحد فيها يرد سلبا أو إيجابا، بل تحول عدم الرد فيها إلى سياسة في حد ذاته، ما يجعل كثيرا من الجهات الإعلامية تذهب في اتجاه إبراء الذمة، من خلال الاتصال بهذه الجهات، مع العلم المسبق أنها لن تجيب، وهذا دائما ما ترتب عليه أن لا تغيير حيال موضع النقد، وكأن شيئا لم يكن. التوجيه الكريم واضح بشكل جلي، ويجب ألا تفسره بعض الجهات الحكومية على هواها وتعتسف مضمونه، فالتوجيه نص بالرد على ما ينافي الحقيقة، وهذا حق تكفله القوانين الإعلامية، وتتقيد به الجهات الإعلامية، التي دائما ما تكفل حق الرد للجهة الحكومية أو غير الحكومية أو الأفراد. وفي التوجيه إشارة إلى ضرورة لجوء الجهات الحكومية إلى جهات الفصل ورفع دعاوى قضائية على المؤسسات الإعلامية في حال تجاوزها حدود النقد البناء، وهذا يقود إلى الفهم أن القضايا لا ترفع في حال نشر معلومات مغلوطة، إذ يقوم مكانها حق الرد والتصحيح، وأن الدعاوى القضائية يشرع فيها حين يكون هناك خروج عن هدف النقد وهو الإصلاح، وعليه فإن المأمول من الجهات المعنية بالقضايا الإعلامية، تحديدا وزارة الإعلام ألا تقبل في ضوء التوجيه الملكي إلا ما نص عليه، بحيث لا تصفي بعض الجهات حسابات مع الصحافة، أو تحول التوجيهات الملكية الكريمة عن أهدافها الحقيقية التي تنشد الإصلاح، وتأخذها في اتجاه أن تكون عصا تخويف في وجه من يريد أن يضيء على عيوب في جهات حكومية، أو يكشف تقصيرا أو فسادا.