في رمضان الماضي أخذت المملكة موقفا حرك الصمت العربي، الموقف كان سحب السفير السعودي من دمشق، اليوم وبعد انقضاء العيد عيد الجميع وسط أجواء الفرح، ومنهم من علق الذبائح ابتهاجا، لكن في سورية كان الوضع مختلفا، فهناك من عُلق ذبيحة، وهم بالعشرات، وسط دعوات مطالبة بالإصلاح، لكنه إصلاح الرصاص في الصدور السورية العارية. ما يطلبه المواطن السوري اليوم ليس سوى أمانة يجب أن تصل إلى من يقدر على الفعل، فخطوة سحب السفير أشاعت الأمل أن السوريين ليسوا وحدهم، لكن لكل مرحلة مداها، وهذه الخطوة أعقبها قتلى، ولهذا من الواجب أن ينهض العرب إلى تحمل مسؤوليتهم في وجه كل غاشم، والغاشم اليوم يقتل دون هوادة الأبرياء في سورية. الدول العربية الكبرى غرقت في تفاصيل مشكلاتها، ولم يبق في قيادة العرب إلا المملكة، ولهذا جاء تحريك الصمت، لكن على المملكة بحكم مسؤوليتها التاريخية في هذا الظرف الدقيق أن تواصل دورها في حماية العرب دولا وشعوبا ومقدرات، حماية تستلزم عليها أن تخطو باتجاه موقف آخر أكثر صرامة، موقف يعيد الحق إلى أصحابه، فالممارسات الحالية قضت على أي بادرة للإصلاح، ولهذا آخر العلاج الكي. الشعب السوري اليوم ينهض ليعيد سورية إلى أصحابها، وإلى الخط العربي القويم، وهذا النهوض يحتاج إلى من يلاقيه في منتصف الطريق، وليس من الحكمة أن يطالب السوريون بأن يسيروا الطريق كاملا وحدهم، خاصة أن هناك دولا وأحزابا جعلت من سورية منصة للتخريب، تحاول اليوم بكل ما أوتيت من قوة أن تبقي عليها أسيرة لمشاريعها المشبوهة، أما تركها في حالة انتظار لما تسفر عنه إرادة الآخرين لن تقود إلى عودة حميدة لسورية ضمن إطارها العربي، بل قد تؤدي إلى سورية ممزقة أو تابعة لجهة ما أو منظومة ما تجعل سورية خرجت من أسر إلى آخر.