احتكر عشرات الآلاف من الليبيين الذين استقبلوا بفرح مقاتلي المعارضة لدى زحفهم الأخير إلى العاصمة طرابلس الأضواء الإعلامية. لكن هناك آخرين يشعرون بالغضب من نجاح الثوار في الإطاحة بحكم العقيد معمر القذافي الذي استمر نحو 42 عاما. وفي عدة مناطق من طرابلس معروفة بولائها للقذافي، لا يتردد البعض في التعبير عن غضبهم من سقوط الزعيم المخلوع والتهجم على وسائل الإعلام ونعت الصحفيين بالكذب وأنهم خونة وجواسيس. صاح قائد سيارة أجرة والغضب يعلو وجهه غير عابئ بوجود مقاتلين من المعارضة ربما يسمعونه قائلا لمراسل رويترز: «أنتم يا وسائل الإعلام لا تقولون الحقيقة». وقال رجل آخر انضم له «لقد بعتم بلادكم» وذلك قبل أن يتسبب صوت مدو في جعل المتسوقين في الشارع المزدحم ينبطحون أرضا. وقال سائق سيارة الأجرة «انظر إلى هذا» مشيرا إلى مقاتل شاب على الجهة المقابلة من الشارع يطلق قذيفة مضادة للطائرات في الهواء، وأضاف «هذا هو ما انتهى إليه حال بلادنا». وما زالت أصداء النيران تتردد في شوارع المدينة أغلبها طلقات احتفالية في الهواء يطلقها المقاتلون لكن بعضها فيما يبدو من جراء اشتباكات بينهم وبين أنصار القذافي، الذي لم يتضح بعد مكانه. وبدأت الانتفاضة ضد حكم القذافي في شرق ليبيا الذي كان مهمشا حيث حاول الزعيم القضاء على الثورة بالدبابات والمقاتلات. واعتنى القذافي أكثر ببلدة سرت والعاصمة حيث استفاد كثيرون من سخائه. ولم تخضع سرت بعد لسيطرة المعارضة، وما زالت هناك فلول من الموالين للقذافي يحاربون قوات المعارضة في أجزاء أخرى من ليبيا. ويسيطر مقاتلون شبان مسلحون، أغلبهم من الأجزاء الأكثر فقرا من ليبيا، على طرابلس. والكثير ممن يحملون بنادق ومسدسات لا يتعدون كونهم مراهقين. ولا يعبر كثيرون من الموالين للقذافي عن رأيهم صراحة وفي طرابلس هناك مناخ من الريبة والتوتر. ويلقي كثيرون باللوم في الهجمات على قوات المعارضة على «طابور خامس» من الموالين السريين للقذافي الذين يهدفون إلى تقويض الانتفاضة. وفي أحد منازل حي أبوسليم، هشم صبية يحملون قضبانا معدنية الأثاث وحطموا الأبواب ومزقوا صورا للقذافي. وأظهرت بطاقات الهوية أن مالك المنزل ضابط بالجيش. وقال أحد سكان الحي، الذي أعرب عن عدائه تجاه المعارضة، إنه ليس متفائلا بأن الموالين للقذافي سيتخلون عن المعركة. «لم تكن هناك مشكلة في عهد القذافي. كان هناك أمن. لم نر شيئا من المقاتلين. ليس لديهم خطط. انظر ماذا يحدث. ليس هناك نور.. ولا ماء». وأردف موضحا «لن يمنح المقاتلون أنصار القذافي شيئا. إنهم معروفون جدا وسيواصلون القتال».