لا أقول إنه كان من الممكن أن أصفق مع من صفق للمنتخب السعودي الشاب، ولكن كان من الممكن أن أحبط كل تلك الاحتفاليات التي طاردت المنتخب منذ الفوز في أول مباراة أمام كرواتيا، لأن «المديح» الذي أشعرنا أننا على وشك تكرار إنجاز 89 عندما حققنا كأس العالم للناشئين، كان له سببان لا ثالث لهما، أولهما هو أن البعض لا يزال يصدر ثقافة الماضي التعيسة ليغذيها للجيل الجديد، التي تشعرنا أن المنتخب ب«خير»، بينما واقعيا ما زالنا نحاول العودة إلى القمة التي وصلناها عام 1984 وتركناها عام 1998، أما السبب الثاني فهو إعلام «الميول» الذي ساهم بشكل «مباشر» في سرعة سقوط الكرة السعودية. فالمطبلون ضخموا هزيمة كرواتيا، وهو المنتخب الذي ليس له تاريخ بطولي، ونقلوا لنا تصاريح «الحسرة» لمدربهم وتصاريح «النشوة» لمدربنا، وصوروا لنا أن الانتصار على منتخب جواتيمالا كان خرافيا، وبسطوا أمر خسارتنا أمام نيجيريا، حتى يمهدوا للخروج المتوقع، فواصلوا «بيع الوهم» حتى خرجنا بإنجاز التأهل للدور ثمن النهائي بخسارة طبيعية لفريق خسر كل مجهوده اللياقي خلال الشوط الأول ولم ينقذه حماسة ولا زفة الإعلام التي طاردته. بينما إعلام الميول، تفرغ في نقل التقارير التي تمجد لاعبي فريقهم وآخرون احتفلوا بتسجيلهم أحد الأهداف، فهم من يجعلون ميزان رضاهم وسخطهم قائما على حجم المجاملة التي يجب أن يحظى بها لاعبوهم ودورهم في نتائج المنتخب، فالغضب والرضا أصبح وفق ما يخدم الميول فقط لا وفق ما يحتاج إليه المنتخب. المنتخبات السنية، خصوصا فئة الشباب، تعطي تصورا مبدئيا عن الهوية المستقبلية للمنتخب الأول، ووفق ما شاهدته أقول إننا نملك مواهب، لكنها مكبلة بثقافة الكرة السعودية التقليدية المتأخرة، ما يعني أن منتخبنا الأول لن يتغير أداؤه مستقبلا ويعني أيضا أن فرص احتراف لاعبينا خارجيا لن تأتي. ختاما، لم انتقد لنشر الإحباط أو التقليل، بل للتوضيح أن الإعلام لا يزال يخدعنا في وقت نحتاج منه إلى الصدق مع المسؤولين والجمهور، والاتزان في النقد، فهو وللأسف لا يزال يدفع الكرة السعودية إلى الهاوية.