أعلن رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون، أمس، أن حكومته «تتصرف بحزم» لإعادة الأمن والنظام عقب أعمال الشغب التي شهدتها عدة مدن في الأيام الخمسة الأخيرة. وقال كاميرون مخاطبا مجلس العموم «البرلمان» بالعاصمة لندن «لن نسمح بسيادة ثقافة الخوف في شوارعنا». وأوضح أن أعمال الشغب لا علاقة لها بالسياسة، بل مبررها الوحيد السرقة. وكان المجلس استدعى بعد قطع عطلته الصيفية لعقد جلسة استثنائية لمناقشة أعمال الشغب وخلفياتها. ووعد كاميرون باتخاذ إجراءات مشددة لإجهاض العنف، وأكد «لا ينبغي استثناء أي إجراء» في هذا المجال. وأن الحكومة والسلطات الأمنية تتدارس إمكانية تقييد نشاط مواقع التواصل الاجتماعي مثل «تويتر» «وفيس بوك» التي استخدمها المشاغبون لتنظيم أنفسهم وتحركاتهم. وأوضح أن الحكومة قد تأمر بإنزال الجيش إلى الشوارع لمساعدة الشرطة في حال تجدد أعمال الشغب، وأن الشرطة ستزود بصلاحيات جديدة. وقال «أثار البعض موضوع الجيش. ومسؤوليتي تكمن في الحرص على بحث أي احتمال بما فيها الأعمال التي يمكن للجيش أن يقوم بها وتفسح المجال أمام الشرطة للاهتمام بخط المواجهة». وقال «لن نتوقف طالما الأمن لم يستتب بالكامل في شوارعنا»، مضيفا أن الأشخاص الذين يدانون بالمشاركة في أعمال الشغب «عليهم توقع الدخول إلى السجن». وقال كاميرون إن حكومته ستعوض أولئك الذين تضررت دورهم ومصالحهم جراء الشغب، معلنا عن إنشاء صندوق من 22 مليون يورو «32 مليون دولار» لمساعدة التجار من ضحايا أعمال العنف. وقدر محللون في مركز أبحاث مبيعات التجزئة أن خسائر المحال التجارية خلال ليالي العنف الأخيرة بلغت أكثر من 228 مليون دولار، وذلك بسبب الدمار وعمليات النهب، مشيرين إلى أن حصيلة الخسائر قد تصل إلى 840 مليون دولار في حال تأثر قطاع السياحة خلال الأشهر المقبلة. وساعدت الأمطار الغزيرة وانتشار تعزيزات للشرطة بالآلاف، صباح أمس، في إعادة الهدوء إلى كبرى المدن البريطانية وردع المشاغبين عن زرع الرعب لليلة الخامسة على الترتيب في شوارعها. وشهدت العاصمة لندن هدوءا نسبيا لليلة الثانية، وكذلك كان الوضع بالنسبة إلى مدن شمالية مثل مانشستر وبرمنجهام وليفربول. وبدأت المحاكم، التي تعمل على مدار اليوم، في معاقبة المئات من المشتبه بهم الذين تم إلقاء القبض عليهم في أعمال الشغب ونهب المتاجر، حيث صدر حكمان بالسجن عشرة أسابيع و16 أسبوعا بحق رجلين لمشاركتهما في اضطرابات مانشستر. وارتفعت حصيلة القتلى إلى أربعة أشخاص عندما دهست سيارة ثلاثة شبان في برمنجهام، خلال محاولتهم حماية محل على ما يبدو من اللصوص. وأفادت الشرطة بأنه في لندن وحدها تم اعتقال 820 شخصا وتم توجيه اتهامات تتعلق بزعزعة النظام العام ل371 مشتبها فيه حتى الآن. وكان أصغر هؤلاء الذين مثلوا للمحاكمة فتى عمره 11 عاما فقط. وافتتحت قاعات المحاكم خلال الفترات الليلية. وفرقت الشرطة دون عنف مجموعة من 150 رجلا في منطقة ألثام جنوبلندن. وفي برمنجهام بمنطقة الميدلاند تجمع مئات الأشخاص في هدوء تكريما لذكرى الشبان الثلاثة الذين قتلوا. وعاد الهدوء إلى لندن بعد أن أمر رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بنشر تعزيزات أمنية تقدر ب16 ألف شرطي، أي ثلاثة أضعاف العدد المعتاد في شوارع العاصمة، وأذن لقوات الأمن باستعمال «أي تكتيك تعتبره ضروريا» لا سيما مدافع المياه التي كانت مخصصة لقمع الاضطرابات في إيرلندا دون غيرها. في حين فضل بعض السكان تشكيل ما يشبه اللجان الشعبية لحماية المرافق الأساسية وبعض الأماكن. غير أن الشرطة دعت السكان إلى تجنب السعي للاشتباك مع مثيري الشغب أو محاولة التصدي لهم، بدعوى أن ذلك يفاقم الوضع الأمني ويمنعها من التركيز على توقيف اللصوص .