قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الاثنين ان حكومته ستصلح المجتمع البريطاني المكسور للحيلولة دون تكرار ما شهدته البلاد من اسوأ اعمال شغب منذ عشرات السنين الاسبوع الماضي. واعتقل اكثر من 2800 شخص منذ ان ادى احتجاج على قتل الشرطة مشتبها به بالرصاص الى اندلاع اعمال شغب ونهب في منطقة توتنهام الفقيرة بشمال لندن والتي امتدت الى شتى انحاء العاصمة واثارت اعمال عنف في مدن انجليزية اخرى. ويسعى كاميرون الى استغلال الغضب العام الواسع النطاق ازاء هذه الاحتجاجات والتي وقعت بعد 15 شهرا من توليه السلطة على رأس ائتلاف لخفض النفقات. وكان كاميرون قد عاد من اجازة في ايطاليا الاسبوع الماضي في ذروة الاضطرابات. وقال كاميرون في كلمة ألقاها أمس الاثنين ان هذا كان نداء استيقاظ لبلادنا. المشكلات الاجتماعية المتقيحة منذ عشرات السنين انفجرت في وجهنا. الان مثلما يريد الناس مواجهة المجرمين بقوة في شوارعنا يريدون كذلك ان يروا تلك المشكلات تعالج وتحل. صحوتنا الامنية لابد وان تضاهيها صحوة اجتماعية. والمخاطر كبيرة بالنسبة لكاميرون. فأي تكرار للاضطرابات التي شهدتها بريطانيا الاسبوع الماضي والتي دمرت فيها متاجر واشعلت النار فيها وقتل خلالها خمسة اشخاص ستقوض ثقة الشعب في حكومته. وقصف مشاغبون الشرطة بالصواريخ واضرموا النار في سيارات ومبان ونهبوا عشرات المتاجر في اسوأ اندلاع للعنف في المدن البريطانية منذ عقود. ولكن بعض المحللين يقولون ان كاميرون قد يستفيد سياسيا اذا قدم الرد الصارم الذي ينتظره بعض الناخبين فيما يتعلق بالقانون والنظام. قد يكسب رئيس الوزراء البريطاني ميزة سياسية نتيجة أعمال الشغب التي اجتاحت مدنا بريطانية الاسبوع الماضي اذا ما قدم الرد الصارم الذي ينتظره بعض الناخبين فيما يتعلق بالقانون والنظام. ولكن اصرار الحكومة على التمسك بخططها التقشفية لخفض الانفاق العام سيحد من مساحة المناورة أمامه. ويواجه حزب المحافظين الذي ينتمي اليه كاميرون والذي عادة ما ينظر اليه على انه أكثر الاحزاب الرئيسية صرامة في التعامل مع قضايا القانون والنظام ضغوطا لالغاء خطط خفض الانفاق على الشرطة الى جانب دعوات لزيادة الانفاق في المدن البريطانية المحرومة في الداخل. وعلى المدى القصير يبدو أن كاميرون وحكومته الائتلافية التي تشكلت قبل 15 شهرا اضيرا جراء اعمال الشغب التي اجتاحت لندن وبرمنجهام ومانشستر وليفربول وغيرها من المدن البريطانية الاسبوع الماضي ولكن الانتخابات لن تجري قبل عام 2015 مما يعطيه مساحة لالتقاط الانفاس ووقتا لرد فعل محسوب.وقصف مشاغبون الشرطة بالصواريخ واضرموا النار في سيارات ومبان ونهبوا عشرات المتاجر في اسوأ اندلاع للعنف في المدن البريطانية منذ عقود. وأضرت الفوضى التي اسفرت عن مقتل خمسة اشخاص بسمعة بريطانيا التي عرف عنها الاستقرار قبل أقل من عام من استضافة لندن الاولمبياد. وكان كاميرون ووزيرة الخارجية تيريزا ماي ووزير المالية جورج اوزبورن ورئيس بلدية لندن بوريس جونسون يقضون عطلاتهم في خارج البلاد حين اندلعت أعمال الشغب في منطقة فقيرة في توتنهام بشمال لندن في السادس من اغسطس . وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة كومريس لحساب صحيفتي اندبندنت اون صنداي وصنداي ميرور ان 29 في المائة فقط من الناخبين يعتقدون ان كاميرون وحكومته تعاملا بشكل جيد مع اعمال الشغب في حين عبر 48 في المئة عن عدم رضاهم على رد فعل الحكومة.ولكن استطلاعات الرأي كشفت أيضا ان معظم البريطانيين الذين نفروا من حالة الفوضى يريدون ردا صارما وقالت نسبة 65 في المئة في استطلاع كومريس انه ينبغي على كاميرون الاستعانة بالجيش -الذي سيطاله خفض الانفاق مثل الشرطة- لمساندة الشرطة. وذكرت نسبة 71 في المئة انه ينبغي على الحكومة فرض حظر التجول في المناطق التي تشهد أعمال شغب.واظهر استطلاع اخر في ذروة أعمال الشغب ان ثلث الناخبين يؤيدون استخدام الذخيرة الحية ضد المشاغبين.وقال اندرو هوكينز رئيس مجلس ادارة كومريس انهم الناخبونمهتمون اولا بالقاء القبض على مرتكبي الجرائم ومعاقبتهم العقاب المناسب وثانيا تجهيز الشرطة وتحفيزها لمنع تكرار ماحدث. استفادة الحكومة من كل هذا سياسيا يتوقف على نجاحها في تحقيق هذين الامرين. غير أن اندلاع المزيد من أعمال الشغب قد يقضى على فرص كاميرون في الاحتفاظ بمنصبه في الانتخابات المقررة في عام 2015.ويبين التاريخ ان الناخبين البريطانيين يعاقبون رؤساء الوزراء الذين يعتقدون انهم فقدوا السيطرة. وخسر رئيس الوزراء العمالي جيمس كالاهان الانتخابات امام المحافظة مارجريت تاتشر عقب اضرابات واسعة النطاق عرفت باسم شتاء السخط.وتصدت تاتشر لاعمال شغب داخل المدن في عامي 1981 و1985 وكوفئت في الانتخابات لصرامتها ازاء القانون والنظام. كما يمكن لكاميرون ان يتطلع عبر القنال الانجليزي الى فرنسا حيث فاز وزير الداخلية السابق نيكولا ساركوزي بانتخابات الرئاسة في عام 2007 بعدما اشتهر بصرامته في تطبيق القانون والنظام خلال اعمال الشغب التي اجتاحت ضواحي فقيرة حول باريس ومدن فرنسية اخرى قبل عامين.